الصفحة الرئيسيةالقسم في سطورأعضاء هيئة التدريسالدراسة الجامعيةالدراسات العلياخريجوا القسمنشاطات القسمحفريات القسمالرحلات العلميةمكتبة القسممعمل القسمذاكرة القسممعرض الآثار الليبيةأخبار القسممواقع مفيدة

 

الموسم التدريبي عام 1997

 

تقرير أولى حول أعمال التنقيب التدريبية التي أجراها طلبة السنة الثالثة

بمدينة توكرة الأثرية

 

في الفترة من 26. 11إلى 12.12 97

 

إعداد: أحمد مصطفى أبو زيان

 

بمشاركة

 

د.فؤاد حمدي بن طاهر     أ.خـالد مـحمد الهدار

أ.احـمد سعـد مـيلود     أ.الحسن محمد ميكائيل

        أ.الأمين على الهونى

 

على الرغم من زيادة أهمية المسح الأثرى وما تستخدم فيه من تقنيات الاستشعار عن بعد في الكشف عن الآثار المدفونة في باطن الأرض تظل الحفريات العامل الأساسي والحاسم في تحديد مقومات وإمكانيات أي موقع أثرى، وتكمن أهمية الحفريات فى أنها تمدنا بنوعين من المعلومات حيث تتمثل الأولى في إبراز أنماط نشاط الإنسان فى عصر معين ومحدد زمنياً بينما تتركز الثانية حول التغير في أنماط النشاط من عصر إلى عصر، وبشكل عام يمكن القول إن نشاطات الإنسان المتزامنة مع بعضها البعض تأخذ مكانها بشكل أفقي من حيث الحيز المكاني فى حين يأخذ التغير فى نوعية النشاط شكلاً رأسياً عبر التعاقب الزمني، وتبعاً لذلك أصبح التقنية الحفر نوعين:

 

النوع الأول : يؤكد على البعد الأفقي وذلك بفتح مساحات كبيرة فى طبقة حضارية معينة وإيجاد العلاقات التي تربط الظواهر المكتشفة مع بعضها وصلتها بما تتضمنه من لقي من النواحي التاريخية والوظيفية.

 

النوع الثاني : ويركز فيه على التنقيب بشكل رأسي ضمن خنادق أو حفر محددة ينتج عنها مساقط رأسية يمكن من خلالها معرفة التسلسل الطبقي والفترات الزمنية المتعاقبة.

 

 إن معظم المنقبين – في ظروف الحفر الاعتيادية يتبعون مزيج من الأسلوبين المذكورين وترجيح كفة أيا منهما عن الأخر يكون مرهوناً بظروف الموقع الأثري المراد تنقيبة والإمكانيات المتاحة ودوافع وظروف عملية الحفر.

 

       وبناء على ما يمليه البرنامج التدريبي الذي يعدّ الدافع الأساسي لأعمال التنقيب في مدينة توكرة الأثرية

 فإن الضروريات تؤكد على إحاطة المتدرب والمتدربة بالطرق المتبعة في عملية التنقيب عن الآثار وبالأسلوب العلمي الصحيح متبعين في ذلك أسلوبي الحفر الأفقي  والرأسي وإن كنت الكفه -  خاصة في الآونة الأخيرة أصبحت تميل إلي الأسلوب الأفقي لأن فيه فرصة أكبر للطلب والطالبة في التعامل مع الظواهر الأثرية المتنوعة كما أن ذلك يحفزهم ذهنياً في إيجاد العلاقات بين هذه الظواهر وربط بعضها ببعض.إننا إذ نتبنى هذا البرنامج العلمي الطموح نضع دائماً أمام أعيننا تحقيقه كيفاً وليس كمًا، متبعين في ذلك نظام توثيق وتسجيل غاية في الوضوح والبساطة تنتهجه الكثير من بعثات التنقيب ألا وهو التسجيل باتباع نظام المحتوى الفردي. وقد أصدر متحف لندن كتاب ميداني يوضح فيه طرق وخطوات التسجيل وتنظمنه العديد من نماذج التسجيل الميداني والرسوم التوضيحية التي تؤمن تسجيلاً مكتملاً للظواهر التي يتم الكشف عنها. لقد أسعفتا الوقت في ترجمة البعض من هذا الكتاب ووضعه بين يدي الطالب والطالبة للاستعانة به العمل الميداني ( نرفق لكم نسخة من ذلك طية هذا التقرير مع خطة عمل هذا الموسم ) أملين بمشيئته تعالي أن يستكمل ترجمة في المستقبل القريب .

 

وكما هو مبين في خطه العمل لهذا الموسم 97 فقد تركز العمل في كل من :-

 

1-الساحة المفتوحة .

2-ما يسمى بالمبنى الروماني .

 وتم تقسيم الطلبة إلي مجموعتين متساويتين تناوبتا التنقيب فيما بينهما في المكانين المذكورين من منتصف الموسم تقريباً.

 

مجريات العمل:  المخطط ( 1 )

 

أولاً: الساحة المفتوحة:

 

حدث تعديل طفيف لخطة العمل في هذا المكان حيث أجرى عليها بالأحرى بعض التقليص وذلك بتأجيل التنقيب على بقايا الجدار الواقع في الحد الفاصل بين المربعين 111 – 119 D  أسفل المحتوى (9) وذلك رغبة في تركيز العمل وبذل المزيد من البحث والاستقصاء حول متابعة امتداد المحتوى (3) بإزالة المحتوى (1) المكون من حجارة متكومة علي طول الجانب الشرقي من المستطيلين D1 ,C 1 إضافة إلي ذلك تركيز العمل جنوب الخوابي المكتشفة في ح ت 9 ، 1-1 D (( موسم94))، حيث أبانت أعمال الحفر لموسم 96 العديد من الظواهر الإنشائية مثل بقايا الحوض الملاطي (19) وأجزاء لأرضية ملاطية – منحت هذا الموسم رقمي(29)(30).

لقد أسفرت أعمال التنقيب الكشف عن العديد من الظواهر والمخلفات الأثرية ساهمت في إلقاء المزيد من الضوء في معرفتنا للنشاط الذي يشير على نحو قوي على أنه ذو طابع صناعي / تجاري يمارس في ساحة شبه مفتوحة ذات ملامح أثرية تعود إلي الفترة الرومانية المتأخرة وربما الفترة الإسلامية المبكرة وقد ترجع أصولها إلي أواخر الفترة الهللنستية وبداية الفترة الرومانية. وفيما يلي بيان بأهم محتويات الساحة ومن ضمنها ما تم الكشف عنه موسم 96 وما أسفرت عنه أعمال التنقيب لهذا الموسم.

 

المحتوى ( 3 ) :

  لم يتمكن من تحديد الامتداد الكلي لهذا المحتوى المتمثل فى أرضية مكونه من تربة طينية متماسكة إذ أن هذه المسألة تتطلب التوسع في أعمال الحفر من النواحي الشرقية والشمالية والجنوبية وما أفادتنا به عملية إزالة الحجارة المكونة للمحتوى (1) لم يخرج عن دائرة توقعاتنا إذ تبين بوضوح امتداد الأرضية ويتخللها بعض التدمير ربما يكون مرده نشاط فترة الاستغلال المتأخرة المتمثلة في بقايا الجدارين ( 40) (41) اللذين كشف عنهما علي التوالي في موسم 94 ، 97 بالإضافة إلي بقايا الجدار (35) المغمور بحجارة المحتوي (1) وأيضاً المحتوى (39) الذي قد يمثل انهيار للجدار(40)، ومن معالجة هذه البقايا المعمارية نجد أنها متواضعة جداً في تقنية تشييدها إذا أنها مباشرة وبدون أية أساسات علي طبقة ترابية غير سميكة (2) وتفتقر إلي الاستقامة في التصفيف الطولي لحجارتها التي لا تتعدى في ارتفاعها الصف الواحد كما انه من الصعوبة بمكان تحديد ماهيتها وما يمكن أن يقال بخصوص تاريخها فإنه من خلال اللقي الفخارية يمكن إرجاعها على نحو مؤقت إلي أواخر الفترة الرومانية وبداية الفترة الإسلامية؟ وبالتالي فهي تمثل آخر استخدام لهذا الموقع. إن اكثر ما يلفت النظر بالنسبة لهذا المحتوى ( 3 ) هو وجـود أخاديد طولية غير عميقة تتخلل سطح الأرضية خاصـة في المربع 102 D، وتبدو للوهلة الأولي وكأنها أثار لسكة محراث وفي حقيقة الأمر كان تفسير هذه الأخاديد يوحي إلى حد كبير أنها من جراء استغلال هذا الموقع في الفترات المتأخرة للزراعة الموسمية استناداً لما تذكره الروايات الشفهية المتناقلة للسكان القريبين من المنطقة الأثرية. بعد التدقيق في هذه الأخاديد يلاحظ أن سطحها متماسك وتشبه تماماً سطح الأرضية من حولها مما جعل سكة المحراث أمراً مستبعداً وربما يكون الأقرب إلى الصواب أن ينسب هذا الأثر إلى حركة عربات خفيفة كانت تمر عبر هذا المكان جيئة وذهاباً ولكن الذى يحول دون الاعتماد الكلى علي هذا التفسير عدم وجود امتداد لهذا التخديد ناحية الجنوب حيث تبدو الأرضية بحالة جيدة إلى حد ما، وبما أن امتداد الأرضية ناحية الشمال متقطع وغير واضح فإن اقتفاء أثر التخديد تخلله بعض الصعوبة ولم يكن مشجعاً نتيجة التداخل الكبير للمخلفات الأثرية في هذا الاتجاه وربما التنقيب شمال شرق المربع E117 سيمدنا بإجابة شافية حول هذه المسألة. إن توافق وانسجام الأدلة الأثرية في التأكيد على أن الأرضية ( 3 ) كانت ممراً للعربات سوف يعد حدثاً له أهميته وخصوصيته في أنه سيقدم دفعاً جديداً للحفريات المستقبلية وربما سيضعنا على عتبة إجابة للسؤال المحير الذي يدور حول مسألة علاقة المباني المكتشفة في هذا الموقع بالمخطط العام للمدينة وبالأخص في الفترة الرومانية المتأخرة.

 

المحتوى (28)

      في الحقيقة يصعب وضع تفسير مقبول لهذا الظاهرة المكتشفة في المربع D 119 وتتكون من تربة طينية مختلطة بحصى دقيق أبيض مصفر مما يضفي على البقعة عامة لون يميل إلي البرتقالي ومما يلفت النظر أن مثل هذه التركيبة ظهرت في غالبية أرجاء المـوقع عـلى أعماق متفاوتة وسمك يتراوح ما بين 2 سم إلى 20 سم وتغطي أحياناً رقعاً كبيرة ومحددة الأطراف وأحياناً أخرى تختفي تدريجياً عند الأطراف حتى يصعب احتوائها وفي مرات عدة تظهر في شكل بقع صغيرة متفرقة لا يتجاوز قطرها 10 سم وحتى هذا الوقت لا نملك إلا تفسيرين أثنين لهذا الظاهرة:

 

1-أرضية حركة : وهى بشكل عام تشبه في تركيبها أرضيات الملاط المكتشفة في أماكن متفرقة من موقع الحفريات بيد أنه يعوزها التماسك فهي فوق كونها مفككة وهشة فإنها متفاوتة فى سمكها وانتشارها مما يوحي أنها ربما كانت نوع من التسوية المبدئية لأرضية غير مستوية السطح ليعقبها طبقة ملاط وإن كنا لم نعثر لغاية الآن على أية بقايا من هذه الأخيرة.

2- سقف منهار: وهذا التفسير لم يجد صدى كبيراً أثناء المناقشة إلا أن له ما يبرره ولو على قدر ضئيل، إذ لا يغيب عن بالنا أن غالبية المباني المتأخرة المكتشفة في الموقع ثبت على نحو شبه قاطع أن سقوفها كانت عبارة عن دعامات خشبية أفقية تتشابك فوقها أغصان الشجرة وجريد النخيل يفرش عليها التبن أو عشب البحر ثم يطرح فوق منها خلطة من الطين والحصى ولم يتم العثور على أية أدلة أو بقايا للتبن أو عشب البحر ضمن التركيبة وربما كان لعوامل التحلل سبب في ذلك.

 

المحتوى (29):

        أرضية مـلاط رمادية فاتحة تمتد في المربعات C 103 ,C102 ,D 127 ,D 126، يبلغ متوسط سمكها 2 سم وأقصى امتداد لها من الشرق إلى الغرب430 سم، ومن الشمال إلى الجنوب 228سم. ويبدو جلياً أن الجزء الجنوبي للأرضية قد تعرض للقطع فى فترة متأخرة بسبب بناء القبو التابع للمبنى ((ج)) ويظهر على سطحها بعض التصدعات كما أن بها هبوط طفيف عند منتصفها الغربي ويتخللها حفرتان صغيرتان واضح أنهما قطعتا عمدا فى فترة لاحقة ربما لغرض تثبيت دعامات خشبية فيها لتشكيل قد يكون خشبيا ؟وذو صلة بالحوض والفرن(32) والبئر ( 34).

 يلاحظ أن لهذه الأرضية حدّ صريح من الناحية الغربية وواضح أنها تنتهي عند قدم جدار لم يبق من ملامح التعرف على نوع مادته الإنشائية أي شيء رغم أنه يوجد إشارة قوية إلى أنه كان منفذًا من الخشب بسبب أن الأرضية في هذا الحد مكشوف سمكها من الخارج –حوالي5 سم- مستقيمة تنتهي بطرف مدبب من أعلى ودون أن يشوب واجهتها أي تثلم أو أدلة لوجود أحجار عالقة. أجري تقصى شديد فى جزء من الموضع الذي يفترض أن هذا الجدار يشغله وتبين على عمق أسفل الأرضية مباشرة وجود طبقة طينية مدكوكة ومتماسكة ربما يستنتج من خلالها أن طرفي الجدار من الألواح الخشبية واللب من الطين ولكن هذا الافتراض يحتاج لمزيد من التحقق الذى يحتاج لمزيد من الحذر الشديد خاصة حول مسألة تباين ألوان التربة ودرجة تماسكها وان كانت البقعة التي تتطلب هذا النوع من الاستقصاء ذات حيز صغير جدا فهي لا تخلو من التعقيد بسبب تركيب وتداخل المحتويات فيه. يلاحظ إلى جهة الغرب مباشرة من الجدار السالف الذكر وجود بقايا أرضية ملاطية (30) بنفس مواصفات الأرضية (29) أقصى امتداد لها من الشرق إلى الغرب 95سم ومن الشمال إلى الجنوب 74سم وهى أيضًا تعرّض طرفها الجنوبي للقطع بسبب القبو كما أن طرفها الغربي تعرض للقطع بفعل إقامة الجدار الشرقي للمبنى (ج)، وقد عثر بالفعل على بقايا امتداد هذه الأرضية عند الركن الشرقي للحجرة (V  ) ولوحظ كثرة القطع الجصية الملونة ( الفريسكو )متناثرة بالأخص على الأرضية (29)، ومن المحتمل أنها كانت تخص حجرة ذات طابع خاص لم يبق من أثار الاستدلال عليها ألا هذه الأرضية ولسنا متيقنين – لو سلمنا أن تصدع الأرضية ووجود قطع الجص المتناثرة قد تعرض للتدمير – ما إذا كانت مرد ذلك طبيعياً ( هزة أرضية ) أو بشرياً بفعل صراع داخلي أو نتيجة لإحدى غارات القبائل الليبية. أياً كان السبب فأن تاريخ ذلك لا يتجاوز على نحو التقريب نهاية القرن الخامس الميـلادي حيث يبدو جليـاً أن ما نراه من مبـان متأخرة (أ، ب، ج، د، هـ) ( مخطط2 ) لا يمكن بأي سبب من الأسباب أن تكون قد أقيمت قبل هذا الوقت وذلك من خلال ما دلت عليه العملة واللقى الفخارية التي عثر عليها ضمن أساسات هذه المباني.

 

المحتوى (32):

 هو تكوين ذو شكل شبه دائري يبلغ قطره 110سم نصفه الشرقي بحالة جيدة بعض الشيء بارتفاع بلغ أقصاه حوالي 50سم. الإطار مقام بطبقة ملاطية يبلغ سمكها 3سم، وعدم وجود أي تدعيم خارجي وظاهره مستو كباطنه يقدم دليلا على أن الإطار قد نفذ أولا على سطح الأرض ثم طمر فيها حتى مستواه العلوي. فيما يتعلق بناحيته الوظيفية فإن الأقرب إلى الاحتمال النظر إليه على أنه فرن للطهي أو/ و لصنع الخبز. و نتيجة لقربه من الجدار الشرقي للمبنى "ج" لا نستطيع الجزم أنه كان يوجد في الأصل النصف المكمل للإطار من ناحية الغرب ولكنه دمر على غرار ما حدث للأرضية (30)عند إقامة المبنى "ج"، و لا ندري إن كان تزويد الوقود يتم من أعلى كما هو الحال فى التنور أم أن ذلك يتم جانبيًا. يلاحظ أن الإطار يقوم على قطع حجرية متوسطة الحجم تمتد قليلاً نحو المركز حيث تتكاثف فيه كمية لا بأس بها من الرماد المختلط بقليل من الكسر الفخارية وبقايا شقف منهارة من الإطار.

 

المحتوى (34):

 هو أحد الإنشاءات المائية التي يزخر بها الموقع وتعتبر المصدر الأساسي لتزويده بالماء ألا وهي الآبار. الواقع أن الكشف عن هذا البئر لم يكن مفاجأة إذا أخذنا فى الاعتبار وجود الحوض (19) والفرن (32) إضافة إلى الخوابي المكتشفة فى ح ت 9،1- 1D،  فطبيعة هذه التشكيلات لاشك أنها تتطلب توفر الماء إذا وضعنا في الحسبان أن لها صفة صناعية بغض النظر عن نوعيتها على وجه الخصوص. أسلوب إنشاء هذا البئر لا يختلف عن باقي الآبار العديدة المكتشفة فى الموقع عينة، فالجزء المحفور فى الأرض الترابية مبنى بحجارة رملية وجيرية مشذبة الواجهة متوسطة وصغيرة،  وعند بداية الأرض الصخرية تبدأ عملية النقر حتى الوصول إلى منسوب الماء مع مراعاة عمل كوات جانبية شبة متناظرة لتوفر مكانا مناسبا لوضع اليدين والرجلين أثناء عملية الهبوط والصعود. توجد تقنية ملفتة للنظر متبعة فى بناء بعض الآبار المكتشفة فى موقعنا هذا، فإضافة إلى (43) يوجد بئر في فناء المبنى "ج" وبئر في الجانب الغربي من المبنى "و" وهذه كلها تتفق فى خاصية أن فتحة العنق فيها من الضيق حتى لا تسمح بانسياب أي شئ عبرها يتجاوز قطره 50 سم، ولو ألقينا نظرة بعد الفتحة مباشرة لوجدنا أن قطر البئر يزيد فى الاتساع ويصل أحيانا إلى المتر وهذا يؤكد أن عملية التضييق من أعلى تدبير احترازي لمنع سقوط الناس والحيوانات داخل البئر خاصة أثناء الليل كما أن عملية سد بئر فتحته ضيقة بكتلة حجرية أيسر بكثير مما لو كان الأمر عكس ذلك.   

 بقى أمر مهم جدير بالذكر وهو كثر الآبار المكتشفة فى هذا الموقع المحدود من المدينة إذ تتجاوز فى عددها التسعة آبار مما يغري إلى القول – إذا أمكننا التعميم – أن المدينة كانت تعتمد بشكل رئيسي فى مياهها على هذا المصدر بشكل خاص واستقلالي، إضافة إلى وجود مصدر ثانوي متمثل فى الصهاريج الملحقة بالمباني كما هو الحال فى المبنى "أ" وهذا الرأي  يختلف مع ما يقوله البعض – رغم عدم توفر الأدلة الكافية – إلى احتمالية أن المدينة كانت تعتمد فى مصدر مياهها على بئر كبير ضمن أسوار المدينة[1].

 

لدينا بعض الأدلة تشير إلى أن معظم آبار موقع حفرياتنا بما فيها البئر ( 34) تعود فى أصلها إلى الفترة الهللنستية واستمر استخدامها حتى فترة متأخرة من حياة المدينة، فواضح للعيان عند تزايد منسوب مستوى سطح الأرض فى فترات متأخرة أنه تم زيادة عنق البئر بدليل عدم وجود انسجام بين الإضافة اللاحقة والبناء الأصلي كما يلاحظ فى البئر (34)عند فتحة عنقه الأصلية وجود آثار احتكاك الحبل عند سحب الدلو وهذه الآثار ترتد قليلاً إلى الخلف نتيجة إضافة حلقة بنائية غير منتظمة فى فترة لاحقة تضيق فتحة البئر عما كانت عليه فى السابق ويبدو أنه عندما كانت فتحة البئر عند المستوى الذى به آثار الحبل لم يكن للحوض (19) أي وجود، لأن الحوض مقام مباشرة إلى جانب البئر من الناحية الشمالية الشرقية حيث توجد حزوز الحبل مما يؤكد أن عملية السحب كانت تتم من هذا الجانب قبل إقامة الحوض عليه، ويمكن تصور الاستخدام اللاحق للبئر عندما أضيفت إليه حلقة أخرى وأقيم الحوض (19) على جانبه الشرقي أن عملية سحب الماء كانت تتم بفرد الساحب رجليه وهو واقف على منتصف الفتحة.

 

عند بداية الكشف عن البئر (34) كان يوجد حجرة شاقولية الشكل تسد فتحته تاركة بعض الفراغات الجانبية، ولسنا ندري ما إذا كانت قد أوجدت هنا عنوة حين قرر الاستغناء عن البئر والعزم على قفله، أم يا ترى جاءت نتيجة تدمير عم أرجاء المكان قد يكون طبيعيا أو مفتعلا. قبل الخوض فى مسألة التدمير وسببه لنا وقفه تستدعى الانتباه حول اللقى التي تم العثور عليها داخل البئر وحالتها فهي قد تساعدنا فى معرفة تاريخ التدمير وسببه. تبدأ ردميات البئر على عمق خمسة أمتار ونصف من الفوهة عثر فى بدايتها على أمفورا شبه مكتملة مهشمة وملتصق بجدارها من الداخل مادة فى حالة تصلب شديد واضح أنها كانت محفوظة بداخلها ربما تكون بقايا سمك مصير Garum، وهى تشبه تماما فى مكوناتها المادة التي عثر عليها أيضا ملتصقة بجدار امفورا مهشمة ضمن ردميات الخابية 08 ( ح ت 9،1-1D ). إضافة إلى ذلك عثر فى المحتوى (5) الذى يمثل ردميات القطع (4) على مجموعة كسر لأمفورا أمكن تجميعها إلى بعضها بصورة شبه مكتملة – تفتقد إلى القاعدة وجزء من الفوهة- وهى تبعث إلى القول أنها تحطمت بينما كانت في موضعها الأصلي. إن معظم هذه الأدلة التي سقناها تشير على نحو قوى إلى حدوث تدمير أسفر عنه ما لاحظناه آنفا من تحطم لأوان لازالت تحتفظ بمواد فى داخلها – أي أن الحدث جاء بغتة – ومما يؤسف له أنه في غير مقدورنا عزو هذا التدمير إلى عامل طبيعي أو بشرى بعينة لأن ما سقناه من آثار تدمير قد يكون سببها إحداهما أو كلاهما. ولعل ما يريح التفكير قليلاً حول هذه المسألة والجنوح بها مؤقتا إلى مكان يحمل بين طياته تفسيرًا آمناً بعض الشيء هو ربط هذه الأحداث بآثار التدمير والتصدع التي لمسناها على أرضيتي الملاط (29) و ( 30) وبقايا كسر الفريسكو المتناثرة فوقها التي يبدو بالرجوع إلى تبويب الهزات الأرضية ودرجاتها المقترح من قبل N. Ambraseys[2]، لا نستبعد القول أن ذلك حدث بسبب هزة أرضية وتحديدًا ذلك الذي حدث عام 365م وضرب حوض البحر المتوسط برمته. جدير بالذكر أن هذا التاريخ لا يتعارض مع تاريخ ألا مفورات المشار إليها آنفا حيث أنها لا تتجاوز منتصف القرن الرابع الميلادي.

 

ثانيا:المبنى الروماني ( ؟) المخطط(3):

 بداية يجدر بالتذكير أن حدود هذا المبنى الجنوبية والشرقية والغربية كانت شبه واضحة كذلك بعض التقسيمات الداخلية غير المتناسقة التي يدخل فى بنائها العديد من العناصر المعمارية المعاد استخدامها. أجري في السابق على المبنى بعض أعمال التحري بالتحديد عند طرفه الجنوبي ( أنظر تقرير موسم 1993). ونظرا لإطار المبنى الخارجي شبه المكتمل فقد منح رمز RB كتمييز له عن المجسين المجاورين RC, RA اللذان يقعان مباشرة وعلى التوالي خارج الجدارين الشرقي والجنوبي. إن لهذه الرموز ضرورة يتطلبها نظام الحفر حتى لا يحدث أي تداخل بين لقى محتوى و آخر خاصة وأنـه يـتبع ترقيم مستـقل لكل الأماكن التي لها حدود واضحة ( مثل: الساحة، المبنى، المجس RA، المجس RC )، وعند وضع رقم المحتوى على نموذج التسجيل أو كيس اللقى أو أي رسم من الرسومات الخاصة بالمحتوى موضوع التنقيب لابد أن يسبقه رمز المكان الذي بصدد التنقيب فيه وبدون أدنى شك فإن نفس التسلسل الرقمي يتكرر فى كل الأماكن سالفة الذكر ويكون التمييز بينها وفصلها عن بعضها أمرا مستحيلا فى حالة عدم وجود الرمز الذى يميزها.

 

 قلما توضح خطة عمل ميدانية يستطيع المنقب من خلالها تحديد إطار زمني لإنجازها، إذ ناهينا عن مسألة محدودية الوقت وظروف الحفر فإن هنالك مستجدات تكون خارجة عن الإرادة وتتعدى دائرة التوقعات. فيما يتعلق بخطة العمل لهذا المبنى رغم سيرها بتؤدة إلا أنها بدون مبالغة تخطو فى الاتجاه الصحيح و بالأخص مسألة التقسيمات الداخلية وتعاقبها الزمني، إذ تبين من خلال الشواهد المعمارية وما تضمنته من لقى أثرية متنوعة أن المبنى قد ظل مستغلا حتى الفترة الرومانية المتأخرة وربما تجاوزها إلى فترة ما بعد الفتح الإسلامي للإقليم.

 

 لم نقف لغاية الآن على أية أدلة تشير إلى تاريخ المبنى الأصلي بسبب طبيعة النظام الأفقي المتبع فى تنقيب المبنى من الداخل وهناك تعويل كبير أن يمدنا المجس RC بأدلة حاسمة حول ذلك ( أنظر أدناه)، ولدينا بعض الاستدلال الذى يشير إلى أن ذلك قد يرجع إلى الفترة الرومانية المبكرة، إذ بالإشارة إلى وجود الفرن الهللنستي أسفل الحجرة II من المبنى " ب" الذى يصبغ على الموقع طابعا صناعيًا مما يجعل نية إقامة مبنى مجاور بهذه الدرجة المتميزة – بناء على وجود العديد من العناصر المعمارية المتقنة ضمن المبنى – أمرًا بعيد الاحتمال ولعله من الصواب تدعيم الرأي القائل بأن المدينة لم تشهد توسعا عمرانيا مكثفا إلا عند بواكير العهد الروماني[3].

 

ويمكن بشكل عـام تقـديم وصف مـوجز لما أسفرت عنه أعمال التنقيب فى هذا المبنى وذلك على النحو التـالي:

 اتضح من خلال الشواهد المعمارية واللقى الأثرية أن المبنى قد ظل مستخدما حتى بداية الفتح الإسلامي للإقليم في منتصف القرن السابع الميلادي وربما استمر هذا الاستخدام إبان الفترة الإسلامية المبكرة، ويبدو من خلال المعاينة المعمارية أن المبنى قد شهد ثلاث مراحل بنائية:

 

المرحلة الأولى:

 التي تمثل البناء الأصلي وقد أمكن ملاحظة بقاياه أسفل الصف الثاني من الجدار الغربي والصفوف المكشوفة فى المجس RC، حيث تتكون من كتل حجرية مشذبة ومصففة بعناية مشكلة زاوية معشقة على نحو متقن عند الركن الجنوبي للمبنى بالقرب من الأرض الصخرية. لم نتمكن من معرفة وظيفة المبنى فى فترته الإنشائية هذه لأنه كما سبق الإشارة بأن أعمال الحفر لازالت فى طور البداية.

 

المرحلة الثانية :

يبدو انه قد حدث توسيع لحدود المبنى من ناحية الشرق حيث أضيف إليه ملحقًا من المرجح أنه على صلة بالأرضية الملاطية والحوضين والبئر الواقعة مباشرة إلى الجنوب -تم الكشف عنها خلال موسم 1993- وواضح بجلاء أن الجدار الجنوبي لهذا الملحق يتعامد على الركن الشرقي للمبنى كما أن صفوف حجارته المتآكلة لا تنسجم أفقيا مع صفوف حجارة الجدار الجنوبي للمبنى الأصلي التي لازالت حالتها جيدة.

 

المرحلة الثالثة:

وتبدو أكثر وضوحا في الجانب الغربي الذى يحتمل أنه استغل لغرض سكني متمثل فى ثلاث حجرات متأخرة استعمل فى بنائها العديد من الكتل الحجرية والعناصر المعمارية المعاد استخدامها كعضادات مدخل مثل جزء من كورنيش مزدان بمصب لرأس أسد ، أيضا يوجد ضمن الجدران أجزاء من ثلاثة أرباع عمود وهى ربما تعود إلى الفترة الأصلية للمبنى.

 

المجسان RC, RA : ( المخطط ،3)

بما أن نظام الحفر المتبع يغلب عليه الطابع الأفقي كانت هناك ضرورة ملحة فى عمل مجس أو بالأحرى قطاع يمكن من خلاله قراءة التسلسل الطبقي والفترات الحضارية المتعاقبة وبالأخص المبنى الروماني؟، وذلك    للوقوف على أدلة حاسمة بشأن فترة بنائه الأصلية وزيادة معرفتنا بالأسلوب المتبع فى بناء الأساسات والجدران القائمة عليه، بالإضافة إلى محاولة إعادة تركيب التاريخ العام للموقع وجانبه البيئي ومقارنته بما توصل إليه من نتائج أوليه تم استخلاصها من بعض الحفريات العمودية التي أجريت في أماكن مختلفة من نفس الموقع خلال مواسم ماضية. لابد من الإشارة إلى أن الطريقة التي تم انتهاجها للإجابة على الأسئلة سالفة الذكر تعرف باسم   Control Stratigraphy، وتعتمد آليتها باختصار على تحكم وسيطرة غاية فى الدقة  يستلزم فى بدايته عمل قطاع من مستوى سطح الأرض حتى الأرض العذراء أو الصخرية، يعاين بعدها القطاع بإمعان النظر فى تباين ألوان توضعاته وما بها من مكونات ومركبات ودرجة التماسك فيها، يتم إثرها وضع الحدود الفاصلة بينها وتمهر بأرقام منفصلة، تم تأتي مرحلة التنقيب بالمسطرين فقط بنحو متأن دون إعارة أي بال لمدى الوقت الذى يستغرقه ذلك مع ضرورة غربلة الردميات قبل نقلها والاحتفاظ بأية لقية يعثر عليها صغيرة كانت أم كبيرة والتسجيل الفوري لأي معلومة يمكن استنباطها أثناء العمل فى التوضع (المحتوى)، وعند بداية سطح كل محتوى ينقب فيه يسبقه رسم كفافي وكذلك الحال عند نهايته من أسفل وذلك بالرجوع إلى خط ثابت يتوسط القطاع  ارتفاعه معلوم عن مستوى سطح البحر ومعروف مكانه على جانبي المجس. 

 

كما أشير آنفاً كانت الخطوة الأولى تستلزم عمل قطاع حتى تتضح المحتويات على جانبه العمودي ويبين حدودها. يفضل أن يكون مكان المجلس لهذا القطاع فى أعلى نقطة غير منقبة وتكون ملاصقة لأحد الأضلاع الخارجية للمبنى RB. وقع الاختيار بادئ الأمر على الضلع الشرقي ومنح رمز RA إلا أن النتائج الأولية للقطاع لم تكن مرضية حيث تخلل الجزء المتبقي لإقامة أسلوب التنقيب فيه العديد من الأحجار متفاوتة الأحجام مما يجعل أمر تتبع حدود المحتويات شبه مستحيل وبالتالي لا يمكن تحقيق الهدف الرئيسي من إقامة هذا المجس. إضافة إلى ذلك كشف فى الجزء المحفور – في النصف الشرقي من RA – على إطار دائري ربما يكون لخابية، وعملية الخوض فى الاستقصاء عنها سيحيدنا بالكامل عن المسار المتفق عليه، ولهذا السبب وذاك توقف العمل هنا واستقر العزم على البحث عن بديل آخر آخذين فى الاعتبار مسألة الوقت الذى يمضى وانه لابد من إرساء دعائم هذا القطاع فـي موسـمنا الحالي لاتخاذه فى السنوات القادمة مـثالاً يخدم الناحية التدريبية بالإضافة إلـى الاستفادة – كما أسلفنا – من ناحية الأدلة التاريخية التدعيميه.

لم تكن مسألة اختيار البديل أمراً سهلاً لصعوبة المنطقة المحيطة بالمبنى كذلك وجود حفريات محاذية لجوانبه الخارجية، وقد أجبرتنا هذه الأخيرة على إعادة تفحص مساقطها واختيار ما هو مميز منها وتتوفر فيه الشروط المشار إليها سابقاً وكان اختيار المسقط الشرقي من ح ت 1 ، 1 - E 2 موسم 90م. (انظر المخطط 3).

 

بلغت مساحة القطاع حوالي متر مربع بعرض الضلع الشرقي للحفريات ونفس المسافة ناحية الشرق فى الجزء غير المنقب بدءاً من حافة المسقط الناتج عن أعمال حفر موسم 90م. وفقاً للمعاينة الأولية للقطاع أمكن تحديد ثلاث وعشرون محتوى بارتفاع كلى يبلغ المترين والنصف وذلك من مستوى سطح الأرض الحالي حتى الأرض الصخرية. نظراً لمساحة التنقيب المحدودة سار العمل بسرعة غير متوقعة دون الإخلال بالضوابط والضروريات الموضوعة أسفر عنها استقصاء ثلاث عشرة محتوى ليست معظمها لتوضوعات وإنما بينها أسطح توضعات وحُفر Interfaces مما يفسح المجال لزيادة العدد الكلى للمحتويات على ما سبق ذكره.

 

لطالما أن العمل لم يستكمل فى القطاع RC فإن استقراء ما وقفنا عليه من أدلة يعد أمراً سابقاً لأوانه خاصة أنه ليس لدينا بين أيدينا لغاية الآن ما يمكن أن يكون له صلة مباشرة بصميم الغايات الأساسية لهذا العمل. ويمكن الإشارة بنحو يشوبه بعض الحذر والتردد إلى أن الجانب الجنوبي للمبنى RB – يشكل المسقط الشمالي للقطاع RC - لم يكن خلال الفترات المتأخرة واجهة ملائمة ليتضمن مدخلاً للمبنى ناحية الجنوب وذلك استناداً إلى وجود قناة ماء أو مجرى تصريف غير مغطى (13 RC) بمحاذاة الجدار مباشرة – غير ممكن حالياً تتبع امتدادها.

 

معالجة وتسجيل الفخار الخشن ( خ ) والفخار المصقول ( ص ) والمصابيح( م ):

 

يفرز الفخار الخشن المتضمن لكل محتوى على حدة، ثم يصنف مبدئياً حسب النوع الذي ينتمي إليه – آنية طهي، صحن، جرة، إبريق، أمفورا، الخ ...-،  يلي ذلك تفصل الفوهات والحواف والمقابض والقواعد والأبدان لكل نوع من أنواع الآنية المشار إليها وتمنح أرقام متسلسلة وحيثما أمكن يسجل كل جزء من أجزاء الآنية في صفحة خاصة به، حيث نجد على سبيل المثال الفخار الخشن للمحتوى ( 2 ) يقع فى سبع صفحات وذلك على النحو التالي:

 

1-مقابض أمفورات وجرار متنوعة  001  –242   

2- مقابض آنية طهي        243 - 245

3- قواعد أواني مختلفة    246 – 331

4- مجموعة فوهات لجرار وامفورات وأباريق مختلفة       332 - 548

5- كسر أبدان لأواني مختلفة     549 – 592

6- كسرتا مقلاة    593 – 594

7- وزنتا نول أسطوانية الشكل     595 - 596

  

يجب مراعاة أن يسبق هذا الترقيم وضع رقم المحتوى ويكون داخل دائرة ثم يعقبه حرف " خ" ( فخار خشن ) يليها الرقم التسلسلي.

 

يجدر بالإشارة أنه توفيرًا للوقت واقتصادًا للورق فإن وصف الكسر الفخارية بأنواعها قد تم بشكل إجمالي حسب العائلة التي تنتمي إليها، فالوصف يمثل مدخلاً عاماً لأجزاء كل نوع على حدة مع الإشارة إلى ما هو متميز منها يفرد لها حيزًا خاصًا بها وتكون ملحقة بأرقامها علمًا بأن الترقيم هذا يجب أن يوضع على كل قطعة بحبر ثابت مقاوم للتآكل.

 

 بالنسبة للفخار المصقول فإن الأمر لا يختلف كثيرًا عما هو متبع فى الفخار الخشن مع فارق انه يجب وصف كل كسرة منحت رقما متسلسلا ضمن الصفحة التي خصصت للمحتوى الذي تنتمي إليه مع عدم مراعاة تبويبها وترتيبها وفق للأجزاء التي تمثلها من أنواع الآنية المختلفة لهذا الفخار.

 

   أما المصابيح فقد اعتبرت فئة منفصلة شأنها شأن الفخار المصقول فبعد فرزها عن بقيه لقى المحتوى قيد الفرز والتصنيف تمنح أرقام تسلسلية تكون مسبوقة برقم المحتوى داخل دائرة ورمزها الخاص بها (م) ، ولا يولى أي بال ما إذا كانت هذه الكسر أو المصابيح الكاملة معمولة من فخار مصقول أو خشن وما هو مهم هنا أن واحدة منها يجب وصفها وتسجلها ضمن قائمة المحتوى الخاص بها.

   من محاسن تسجيل كل لقى المحتوى فى ورقة خاصة بها أن بعض هذه المحتويات لم يستكمل تنقيبها وهذا يعنى أنه ربما بعد استكمالها يتم العثور على المزيد من اللقى المتنوعة وعند ذلك يمكن الرجوع بشكل آلي  إلى نفس صفحة المحتوى – هذا فيما يخص الفخار الخشن – ويمنح رقم تال لآخر تسلسل تم التوقف عنده للكسر الجديدة القادمة بعد أن تم فرزها وتصنيفها وفقًا لما ورد فى فقرة المعالجة المبدئية للفخار الخشن ( القوائم المرفقة للفخار الخشن مفرغة من السجل الخاص بها وهي بالتالي جرد عام لهذا النوع من اللقى ولا تعطى دلالة على نظام التسجيل المشار أليه آنفًا).

 

   بالنسبة للقى الصغيرة والمتميزة فإنه يفضل الرجوع إلى الفقرة الخاصة بذلك ضمن خطوات فرز وتصنيف اللقى الأثرية المدرجة تحت عنوان اللقى الأثرية والفخارية المرفقة طية البرنامج العام وخطة العمل لهذا الموسم 97.

 

 

شكر وتقدير

 

إن تفهم طبيعة العمل الميداني ومتطلباته يعد من أهم الأسس التي يقوم عليها برنامجنا التدريبي هذا وما العناية التي أولاها الدكتور محمد الدويب إلا دليل ذلك. لأول مرة يستغرق الإعداد الإداري للموسم السنوي مدة تجاوزت الشهرين إلى الحد الذى يصل إلى درجة الإحباط إلا أن الجهود المتواصلة للأستاذ عبدالله الرحيبى كللت بالنجاح فلـه وللدكتور محمد الدويب الشـكر العميق على تفريج ما ألم بنا من ضـيق. أيضا الشـكر الجزيل للدكتور خليفة بن ناصر، الأمين المساعد للشؤون العلمية بالجامعة على تجاوبه والمساعدات التي قدمها في سبيل إقامة الحفريات. شكر خاص للأمين الإداري بالكلية الأستاذ أحمد فرحات، على حسن تعاونه وللأخت نزيهة المطردي الثناء على متابعتها للإجراءات الادخارية.

 

  أما بالنسبة لمراقبة آثار بنغازي فإنها كما عودتنا دائمًا لم تتأخر لحظة فى تقديم كل الإمكانيات المتاحة والمتوفرة لديها فى سبيل إقامة هذه الحفريات بدءًا من مراقبها الأستاذ إبراهيم الطواحني، ومرورًا بباحثيها وموظفيها وعامليها فى كل من بنغازي ومكتب آثار العقورية. التقدير والشكر العميق لمندوب المراقبة الأستاذ محمد عطية الله ، على ما أبداه من تعاون ودعم للعمل الميداني.

 

  فيما يتعلق بالمشرفين على الحفرية فإن ما لمسته من تفاهم وتعاون يجعل قلمي فى مدحهم والثناء عليهم يتوقف، ولعمري أن هذا التعاون والتفاهم لأساس وركيزة أي عمل كان، ومادام فى القلب نبض لن أنسى كيف عامل الأستاذ تلميذه الذى قدر له بعد مرور الأيام أن يشرف على حفريات كان يشرف عليها أستاذه فقد كان الكبير أذناً صاغية للصغير ولم يشعره أبداً – وفقا لثقافة مجتمعنا – بوجود أي "فارق " لأنه ببساطة ليس فى قاموسه هذه الكلمة، إن هذا الشخص وبدون أي لقب هو فؤاد بن طاهر.

 

 أيضا وبدون أي لقب أود الإشادة بالجهود العظيمة التي بذلها خالد الهدار حيث أخذ على عاتقة مسؤولية معالجة اللقى الأثرية وفرزها وتصنيفها ولم يقتصر عمله على هذا الموسم فقط بل شمل أيضا لقى موسم 96 وكان له الدور الأكبر في وضع أسس ونظام تسجيل اللقى الفخارية، كما انه له مأثرة أخرى تمثلت فى تقديم التواريخ المؤقتة لبعض المحتويات التي بصدد التنقيب فيها إضافة إلى إسهامه في تفسير المكتشفات والظواهر الأثرية. أما أحمد سعد ومهاراته المتعددة ودوره الكبير فى تسيير العمل الميداني فسيظل دائما وأبدا محط إعجاب  وتقدير. وللأمين الهوني الثناء على حسن تنظيمه وتسجيله اللقى الصغيرة والمتميزة إضافة إلى قيامة بواجب الإشراف الميداني.

 

 شكر خاص للحسن ميكائيل على كياسته ومرونته فهو فوق إشرافه على مجريات العمل فى المجس RC      تكفل  بالمهام الإدارية والمالية للموسم مما استلزمه مضاعفة الجهد والتضحية بأوقات الراحة. ولأحمد الغالي، خالص التقدير والشكر على صبره وتفانيه فى أداء عمله دون كلل أو ملل فوق حسه واهتمامه الأثري الذى كان لنا خير عون فى الأيام الأخيرة من الحفرية. أخيرا وليس أخرا للعمين الرؤومين محمد خير ومعمر غومة ولعشرتهما الطيبة خالص التقدير والإجلال، ووجودهما معنا يضفي دائما وأبدا على الحفريات جوا مفعما بالبهجة والطمأنينة وشعورا يعجز اللسان عن وصفه حتى أننا من فرط محبتهم نبتت منهم فى القلب محبه كما تبنت فى الراحتين الأصابع.

 

 بارك الله فى كل يد أسهمت فى هذا العمل ونسأل الله التوفيق والصلاح،

 

   

 أحمد مصطفى أبوزيان

 الـمشـرف الـعام للحـفريـات

 


 

[1] G. D. Jones and J. H. Little. Hadrianopolis. Libya Antiqua. Vol. Viii, (1971), p.53, note(2).

أنظر أيضاً:

توفيق سليمان. أعمال التنقيب عن الآثار لجامعة قاريونس –بنغازي في ليبيا 1974-1983. توكرة. ج2، (1986)، ص199.

[2] Material for the investigation of the Seismicity. Libyan Studies, Vol. 25(1994): 7-22.

[3]  F. Bentaher. General account on recent discoveries at Tocra. Ibid.: 231-243.

 إلى الأعلى

[رجوع]