الموسم التدريبي ربيع 1999
تقرير أولي حول أعمال التنقيب التدريبية لطلبة
السنة الثالثة بمدينة توكرة الأثرية
في الفترة : 2-20 /3/1999ف
إعداد:
أ. أحمد مصطفى أبوزيان
أ. صـالح رجب
الـعقاب
بمشاركة
د. فؤاد حمدي بن طاهر أ. خالد محمد
الــهدار
أ.
أحـمد سعـد ميلـود أ. الأمين عـلى
الهوني
حفريات توكرة موسم 1999
أولاً: الساحـة
لقد جاءت أعمال الحـفر استكمالاً لما أسفرت عنه
أعمال التنقيب في الموسمين السابقين (96 ، 97)،
حيث تركزت أعمال الحفر في منطقة شبه مفتوحة سطحها
يكاد يخلو من وجود أيـة شواهد معمارية بارزة
ويـحيط بها مـن ثلاثة جوانب مباني متواضعة ذات
طابع صناعي/ تجاري وسكني تعود في تاريخها إلى
الفترة الرومانية المتأخرة.
أكدت أعمال التنقيب أن هذا المكان قد أستغل بشكل
فعلي وعلى نحو مكثف منذ حوالي القرن الثاني ق.م
حتى آخر مرحلة من حياة المدينة التي تشير الأدلة
الأثرية إلى أنها قد تتجاوز القرن الثاني عشر. إن
التعاقب الحضاري طويل الأمد في هذا الموقع شأنه
شأن مدينة توكرة بمجملها يعد أفضلية تضفي على
العمل الأثري طابعاً خاصًا، لما في ذلك من مجال
رحب تـكون الرؤية فـيه أوسع عند تتبع مراحل التطور
والاقتصادي والمعماري والفني وغيرها من أنماط
الحياة المختلفة التي شهدها الموقع على مرّ الزمن،
إلا أنه هناك جانب آخر له تأثيره السلبي على دقة
النتائج وصلاحيتها، إذ من شأن كل استخدام يعقب
سابقه أن يحدث فيه تدميراً وتغييراً يجعل تحديده
وتقييمه أمراً غاية في الصعوبة، كما أنه يوجد في
أحياناً عدة تداخل كبير بين فترة وأخرى إلى حدّ
يتعذر فيه وضع خط فاصل بينهما، ويتضح هذا التداخل
جلياً عند وضع أنواع وطرز الأواني الفخارية
وبالتحديد الخشنة منها، ومسألة إدراج كل شكل ضمن
إطار تداوله الزمني واستمراره إلى ما بعد ذلك
وتعديه إطار شكل آخر عاقب له ومتطور عنه.
يمـكن القول أن نتائج العمل في المربع
C
103
وجزء بـسيط من المربع
C
102،
قد أمدتنا بصورة واضحة بعض الشيء بخصوص امتداد
المحتوى 3 نحو الجنوب وهو يمثل أرضية من التربة
المدكوكة بلون يميل ما بين رمادي غامق إلى فاتح
ويتراوح سمكها من 2سم إلى 5سم، وبالرجوع إلى تقرير
موسم 1997 فإنه يفسر هذه الظاهرة على أنها تمثل
أرضية للساحة مع احتمالية اعتبارها جزء من شارع
محوره شمال
–جنوب
وذلك من خلال وجود بعض الأخاديد غير العميقة على
سطح الأرضية نتيجة مرور عربات خفيفة عبر هذا
المكان. لقد عزز هذا الرأي الكشف عن مجرى ترابي
جنوب قبو المبنى (ج) ربما كان الغرض منه توجيه
مياه الأمطار أثناء انسيابها جنوباً خاصة وأن
منسوب الأرضية ينحدر بشكل تدريجي ملحوظ نحو
الجنوب. في حقيقة الأمر من خلال إلقاء نظرة عامة
على المخطط العام للساحة ، يلاحظ خلو
الفترة الحضارية التي تنتمي إليها الأرضية (3) من
أية شواهد معمارية وهذا بالتالي يجعل عملية الحركة
أمراً ميسوراً لا تعترضه أية عوائق.
أوضحت أعمال الحفر في المربع
D
127،
أن أرضيتي الملاط رقمي (29)،(30) قد قطعتا لاحقاً
أثناء تشييد قبو المبنى (ج) ، بل أن الجدار
الشرقي لنفس المبنى يقسم الأرضية (30) حيث يمكن
ملاحظة بقاياها عند الركن الشرقي من الحجرة
V.
إن ذلك يؤكد على أن فترة الأرضيتين أقدم زمناً من
تاريخ إنشاء المبنى. أيضاً أمكن تفحص بقايا الجدار
(48) الذي يفترض أنه متزامن مع الأرضيتين
(29)،(30) ويفصل بينهما. نهايته الجنوبية عند
بداية قطع القبو تبدو مؤكدة في حين يشوب الغموض
امتداده ناحية الشمال نتيجة للنشاط اللاحق المتمثل
خاصة في الفرن (32)، وما أمكن الوقوف عليه حالياً
لا يفيد كثيراً في تركيب الصورة التي كانت عليها
أرضيتي الملاط وهذا الجدار الذي يبدو أنه كان
منفذاً بالطين المكبوس
(pisé)،
بيد أن الدلائل تُجمع على أنهما كانا ضمن تركيب
معماري ذو مكانة خاصة ومما يعزز ذلك ما تم العثور
عليه من كسر للفريسكو الملونة منتشرة بشكل مكثف
فوق أرضيتي الملاط سالفتي الذكر.
أيضا كان من ضمن خطة العمل إجراء مزيد من التقصي
لبعض الظواهر الـتي تم الـكشف عنها خلال الموسم
الماضي كالبئر (34) والحوض (19) والـفرن (32)
والأرضـية (27)، وذلك بغية تحديد فترات استخدامها
وإمكانية الاسـتدلال عن نواحـيها الوظيفية وما إذا
كـان هناك ترابط بين بعضها البعض. في واقع الأمر،
الإجابة على كل هذه التساؤلات ليس بالأمر الهين،
لأنه
–كما
سبق التذكير- يوجد تداخل كبير بين الظواهر نتيجة
للاستخدام المتواصل مما يجعل من الصعوبة بمكان
الوقوف على تفسيرات حاسمة وجازمة حول تاريخ الموقع
وتطوره وأوجه نشاطه.
يبدو من الواضح أن البئر (34) قد شهد فترتي
استخدام، حيث تم رفع عنقه وأضيف إليه الحوض (19)
على جانبه الشرقي مباشرة. بقايا جدران الحوض
الغربية والشمالية والشرقية أمكن تحديدها، في حين
بدى الجدار الجنوبي وكأنه قد أزيل قصداً في فترة
لاحقة ليفسح المجال للموقد (79) ؟ حيث كان رماده
منتشراً بشكل كثيف إلى الجنوب من البئر الذي أصبح
في هذه الفترة خارج نطاق الاستخدام وأقفل. في نفس
الوقت أضيف الفرن (32) والمرجح أنه كان لإعداد
الخبز، وبالنظر إلى حجمه وموقعه ضمن الساحة يمكن
القول أن إنتاجه كان عاماً يفي واحتياجات قاطني
هذا المكان، وربما يتعداها إلى أبعد من ذلك. كان
واضحاً أن الموقد (79) يقع مباشرة على دكة طينية
(78) ذات لون رمادي غامق وذلك أسفل الإطار الشمالي
للبئر. فيما بعد هذه الدكة حدث فيها قطع (90) عثر
ضمن ردمياته (91) على بذرة عنب و لوحظ كثرة
المتفحمات بها مما أستوجب أخذ عينة ترابية غير
مغربلة. في فترة لاحقة قطعت الدكة بواسطة الفرن
(32).
أيضاً استهدفت أعمال الكشف تنظيف الأرضية (28) في
المربع
D119
(فيما يتعلق بالآراء التي قيلت حولها يراجع تقرير
موسم 97). من الملاحظ أن هذه الأرضية المفككة
والمكونة من تربة طينية مخلوطة بالحصى الدقيق،
يرتبط ظهورها ببعض المنشآت المعمارية المكتشفة
سابقاً في أرجاء الموقع ويذكر منها عـلى سبيل
الـمثال خوابـي السـاحة والـفرن الواقع أسفل تبليط
الحجرة
II
من المبنى (ج). من المحتمل أن سبب إنتشارها عبر
موقع الحفريات يعزى إلى حدوث قطع بها في فترات
إستغلال لاحقة مثل حفر أساسات الجدران وغالباً ما
تعاد بقايا مكونات الأرضية إلى هذه الحفر بعد
تنفيذ الأساسات لتدعيمها. لقد أمكن أثناء تنظيف
هذه الأرضية تحديد القطع (50) عند جانبيها الغربي
والجنوبي وتبين أن هذا القطع بدوره أعقبه قطع آخر
على الجانبين الشمالي والشرقي لم يتأتى بعد معرفة
حدوده. أوضحت أعمال التنقيب أن الجدار الشرقي
للمبنى (ج) يقطع الأرضية، بيد أنه لا يوجد أية
دلائل تشير إلى امتدادها خلف الجدار المذكور
باتجاه الغرب
–
كما حدث للأرضية (30) - وإن كانت نفس مكونات
الأرضية تبدو واضحة على المسقط الجنوبي من المجس
في الردهة
I
وحول الفرن في الحجرة
II،
من المبنى (ج) ، غير أنها تظهر على عمق
وسمك أكثر عما هو عليه الحال في الساحة الأمر الذي
يستبعد فكرة أنهما كانا يشكلان امتداد أرضية واحدة
وربما من الأسلم القبول حالياً أنه كان يوجد وصفة
متبعة في تركيبة مثل هذا النوع من الأرضيات أستغرق
العمل بها فترة زمنية طويلة.
فيما يخص الإطار الذي يحيط بمجموعة الخوابي
المكتشفة موسم 94 أمكن تحديد الجدار الجنوبي (68)
وهو منفذ بأحجار رملية وجيرية متفاوتة في حجمها
ومـشذبة فقط مـن واجهاتها الخارجية. بـلغ طوله
حوالي 3.60 متر وسمكه 0.60 متر، في حين كان أقصى
ارتفاع له 0.68 متر. كشف أيضاً عن بقايا جدار
يتعامد عل الجدار السالف الذكر منح الرقم (69)
يرجح أنه يمثل الجدار الغربي للخوابي. هذا الجدار
بـاق منه صف واحـد فقط ومعمول بنفس أسلوب ومادة
بناء الجدار (68) وبطول 2.15 متر وسمك 0.60 متر.
أما من الناحيتين الشمالية والشرقية لا يمكن
حالياً قول شيء فأعمال التنقيب لم تتجاوز في هذين
الجانبين الأرضية (3)، ومن خلال الفحص والمعاينة
لا توجد أية بوادر يمكن الأخذ بها مؤقتاً على أنها
بقايا مكملة للإطار الذي يحيط بالخوابي، وهذا يجعل
حدود الخوابي الحالية مسألة يشوبها بعض الشك،
واتساع نطاق الخوابي ناحيتي الشمال والشرق أمر غير
مستبعد، وذلك حتماً ينتظر أعمال التنقيب
المستقبلية لتأكيده من عدمه.
على نفس امتداد الجدار (69) عند زاوية التقائه
بالجدار (68) كشفت أعمال التنقيب عن جـدار (53)
بـاق مـنه ثـلاثة صـفوف فقـط، بطول بلغ 0.90 متر
وسمك 0.65 متر. يتعامد على هذا الجدار في نهايته
الجنوبية جدار (52) لم يبق من إلا صفين فقط وبلغ
طوله 1.10 متر وسمكه 0.65 متر. ويمتد هذا الجدار
حتى يلتصق بالجدار الشرقي للمبنى (ج) الذي منح هذا
الموسم رقم (74)
–جدار
المبنى (ج) له علاقة مع بعض الظواهر التي كشف عنها
في الساحة لذا أضحى من الضروري منحه رقم محتوى-.
وجود الجدار (52) بشكله الاعتراضي هذا ربما يعطينا
تصوراً بأنه كان يسبقه وجود مجاز أو ممر ضيق محصور
بين زاوية التقاء الجدارين (68) و(69) والجدار
(74)، وهذا الممر؟ كان يؤدي إلى الأرضية الملاطية
المائلة (13).
بالاستناد إلى اللقى الأثرية التي تم العثور عليها
ضمن الساحة هذا الموسم وبالأخص الفخارية منها التي
يشكل الخشن غالبيتها، فإنها لا تتجاوز في تأريخها
الـقرن الأول قـبل الميلاد، بـيد أن هناك تأريخ
مقترح أبعد من ذلك قدمه المحتوى (73) حيث عثر على
مصباح يمكن إرجاعه إلى ما بين القرنين الثالث
ومنتصف الثاني قبل الميلاد، وهذا التأريخ لا يمكن
التعويل عليه حالياً لأنه يعتمد على مصباح واحد
فقط قد يكون متبقيا من فترة أقدم زمناً ولكن ذلك
لا يمنع أبداً من أن نضع في الاعتبار احتمالية
إرجاع الموقع إلى فترة قد تتعدى القرن الثاني قبل
الميلاد المقترحة حالياً وهذا يعتمد على ما تنتجه
الحفريات القادمة من لقى وصلاحيتها في عملية
التأريخ.
ثانياً: المبنى
RB.
من أول الأعمال التي تم إنجازها هو إزالة المحتوى
(3) المتمثل في حجارة جيرية ورملية متوسطة الحجم
وغشيمة تغطي معظم المبنى تقريباً. كذلك تم العمل
في المربع
E
212
للتنقيب في المحتوى (37) المكون من تربة طينية
تتضمن العديد من كسر الفخار الخشن وقليل من بقايا
عظام حيوانية وكسر الزجاج. في المربعين
E
211
،
E 212
كشف عـن بـقايا أرضـيتي حركة من التربة الطينية
المتماسكة وهما على التوالي (39) و (38). بعد
إزالة المحتوى (3) وتحديداً في المربع
E
204
لوحظ وجود طبقة متناثرة من الجير الهش من الممكن
أنها كانت تستخدم في ملء فراغات الرصف الحجري (41)
الذي سيأتي الحديث عنه لاحقاً. من الظواهر المهمة
والملفتة للنظر الكشف عن انهيار منح رقم (42) وكان
يمثل قفل متأخر للمدخل (23). بعد أعمال الكشف هذه
جاء دور أهم الظواهر التي كشف عنها في الجزء
الغربي من المبنى المتمثلة في الرصف الحجري (41)
الذي يمتد في غالبية المربع
E204
وبعض من المربعات،
E
212
,
E 211, E 203.
الرصف معمول من حجارة رملية وجيرية كبيرة الحجم
بعضها ذات أبعاد منتظمة تأخذ شكل المستطيل وهي
تتركز في منتصف الرصف تأتي على نحو متتابع من
الشمال إلى الجنوب، بينما انتشرت الأخرى بشكل
عشوائي أخذة شكل معين أو دائري. جميع الحجارة
مستوية السطح إلى حد ما مع وجود اختلاف طفيف في
منسوبها بشكل عام الذي يميل ناحية الجنوب. لوحظ
بين الفراغات التي تفصل بين الحجارة وجود طبقة من
الجير (40) وقد يدل ذلك على استخدام هذا النوع من
المونة لسدّ الفراغات المذكورة إلا أن لهذا
التفسير ضعفه، فالطبقة الجيرية تتركز فقط عند
الركن الشرقي من الرصف ولا تتخلل الفجوات فـقط
وإنما تظهر في بعـض الأحيان عـلى شكل بقع صغيرة
فوق سطح الرصف نفسه.
أثناء التنقيب داخل الحجرة
II
تم الكشف عند ركنها الشرقي عن بقايا إطار غير
منتظم من الحجر الرملي والجيري ربما كان يمثل
مــوقد للطهي (53) وذلك من خلال تآكل الإطار
الحجري والعثور بداخله على رماد كثيف (46).
وبمتابعة التنقيب في الحجرة تبين وجود طبقة آثار
حرق (54) تنتشر بشكل ملحوظ لتغطي أرجاء الحجرة ومن
المرجح أنها نجمت عن استخدام الموقد (53). تنتهي
هذه الطبقة عند مصطبة (55) ربما تكون من مادة
الجير تستقر على طول الضلع الغربي للحجرة وبعرض لا
يتجاوز 0.60 متر آخذة شكل محدب بعض الشيء وسطح
مسامي غير منتظم. سبب وجودها قد يكون كمصطبة
تستخدم لأغراض طهي بالنظر إلى وجودها ضمن حجرة بها
موقد؟ ويكثر فيها آثار حرق. التفسير الآخر أنه
ربما لوجودها صلة بطبقة الجير (40) التي كشف عنها
فوق الرصف (41) حيث يمكن اعتبار المصطبة مادة خام
وفي مرحلة إعدادها الأخيرة بانتظار نقلها إلى مكان
ما. عند الركن الجنوبي من نفس الحجرة وفوق المصطبة
مباشرة وجد عمود صغير من المرمر ملاصق للجدار (18)
ويبدو واضحاً أنه ليس في مكانه الأصلي ومجلوب من
مكان ما لإعادة استخدامه هنا لغرض ما؟.
لمعرفة انتشار آثار الحرق (54) الموجود في الحجرة
II
أجريت بعض أعمال التحري على طول الجدار (25) من
الحجرة
I
المجاورة تبين خلالها استمرار المحتوى (44) الذي
يغطي أيضاً آثار الحرق (54) والمصطبة (55) في
الحجرة
II
سالفة الذكر. المحتوى (44) عبارة عن تربة طينية
رملية ما بين متماسكة إلى هشه يتخللها القليل من
الحجارة الرملية المشذبة بعض الشيء وتتضمن العديد
من الكسر الفخارية الخشنة منها أجزاء لأكتاف
أمفورات عليها حزوز غائرة، كما عثر أيضاً على عدد
يسير من الكسر العظمية الحيوانية وبقايا الفريسكو.
بالقرب من الركن الشمالي للحجرة
II
لوحظ تغير درجة تماسك ولون المحتوى (44) وفوق
اللقى السالفة الذكر عثر على كسر زجاجية، وهذا
التغير الملحوظ استلزم منح رقم (45) لتمييزه عن
المحتوى (44) الذي يجاوره ويوازيه أفقياً. إن ما
يعنينا حالياً أن مسألة امتداد أثار الحرق (54)
أصبح أمراً مستبعدًا، وعلى كل فإن استكمال تنقيب
الحجرة قد يأتي بقرائن مغايرة لهذا الاستنتاج كما
أنها قد تلقي بعض الضوء على ماهيتها والتحويرات
التي شهدتها.
تم توسيع أعمال التنقيب في المبنى ليشمل جانبه
الشرقي، وأثناء العمل مباشرة شرق الجدار (29)
وبنحو متعامد عليه وغير معشق، كشف عن بقايا جدار
(49) ذو وجهين ولبّ بارتفاع صف واحد وطول بلغ
أقصاه 1.10 متر وسمك لا يتجاوز 0.35 متر. وبتقدم
التنقيب في المربعين
E
211, E 203
بدأت في الظهور طبقة (47) التي تمثل أثار حرق يبدأ
كثيفاً بمحاذاة الجدار (36) ثم يأخذ في التلاشي
تدريجياً بموازاة الجدار (49). أسفل أثار الحرق
هذا وبنفس الامتداد توجد أرضية حركة من تربة طينية
متماسكة (51).
عند التوسع شرقاً في أعـمال الحفر، تم الكشف في
المربع
F
227
عن ثلاث من الدرج (61)، على يمين الأولى منها من
أسفل توجد حجرة مشذبة (62) بها عن طرفها الملاصق
للدرج شطف (63) شبه منتظم وبعمق سمك الحجرة، من
الواضح أن هذا الشطف لدعامة يمكن أن تكون خشبية
وربما كان مثبتاً بها باب يمثل حاجزاً بين مكان
وآخر. يجدر بالإشارة إلى وجود شطف بسيط في نهاية
الدرجتين الأولى والثانية من ناحية اليمين على نفس
امتداد مكان الدعامة الذي لا يستبعد وجود درابزين
على هذا الجانب. من خلال وجود الدرج يمكن الخلوص
بشيء من الشك، إلى وجود دور علوي، بيد أنه للأسف
لم تمدنا أعمال الحفر في الأنحاء بأية إشارة من
شأنها أن تساعد في تخيل الصورة التي كان عليها
بقية الدرج وما إذا كان هناك بالفعل دور علوي؟.
نجم عن إزالة المحتوى (3) في المربع
E
202،
الكشف عن حجرة شبه مربعة منحت الرقم
IX.
من الملفت للنظر وجود كمية كبيرة من الحجارة
الرملية والجيرية تأخذ شكل إسفيني غير منتظم ضمن
ركام الحجارة والردميات التي تركزت بكثافة وسط
الحجرة. إن هذا النوع من الحجارة مرتبط دائماً
بالسقوف المقبية وإذا لم يخب الظن ، وهذا أمر غير
مستبعد، أن الحجرة كانت كذلك.
مباشرة شمال الحجرة
IX
يفضي المدخل (78) إلى الحجرة
.Xهذه
الحجرة أصغر حجماً وذات شكل مستطيل. النهاية
الشمالية لجدارها الشرقي يبدو أنه كان يتضمن
مدخلاً وأغلق لاحقاً (87)، نفس الظاهرة لوحظت على
الجدار الشمالي للحجرة حيث القفل (89) الذي يقابل
تقريباً مدخل الحجرة على الجدار الجنوبي. الجدار
الغربي للحجرة (77) جاء أسلوب بنائه مختلفاً عن
باقي الجدران التي تتألف غالبية حجارتها من مداميك
مشذبة بينما حجارة الأخير كانت أصغر حجماً
والتشذيب لا يتعدى واجهاتها الخارجية، وقد لوحظ
وجود جزء من بدن عمود ضمن الجدار عند الطرف
الشمالي من الجدار.
إن التفسير الطبقي والتعاقب الحضاري للمبنى
RB
وماهيته تعد مسائل غير واضحة يشوبها الكثير من
الغموض وفي انتظار المزيد من أعمال التنقيب أفقياً
حتى تكتمل صورة المبنى وعمودياً لتبيان أصوله
الأولى والفترات المتعاقبة عليه وأوجه النشاط التي
شهدها. للأسف، حتى محاولة استباق الأحداث المتمثلة
في تنقيب المجس
RD
الذي أجري بمحاذاة الجدار الشرقي من الحجرة
III،
لم تكن مثمرة بالنحو المرغوب فيه وغياب لقي يمكن
تأريخها ضمن الردميات يجعل دراسة التسلسل الطبقي
بدون صلاحية ولا يمكن التعويل عليها في عملية
المقارنة بباقي التوضعات الأثرية للمبنى، إلا أن
ذلك لا يقلل من شأن المجس الذي برهن على نحو قطعي
وجود فترات نشاط متعاقبة.
صفوة القول أن الشكل العام لمخطط المبنى يشير على
نحو شبه مؤكد إلى وجود جانبين منفصلين واحد غربي
والآخر شرقي–
على الأقل هذا حال المبنى في آخر فترة حضارية
شهدها-، ولكل جانب باحته المفتوحة منها المرصوف
بالكامل ومنها شبه المرصوف في الجانبين الغربي
والشرقي على التوالي. أيضأ، هناك دلائل ذات أهمية
خاصة في أن المبنى قد أصبح مستغلاً حتى ما بعد
الفتح الإسلامي للإقليم في منتصف القرن السابع
الميلادي، فقد تم العثور على بعض الكسر الفخارية
يمكن أن تؤرخ إلى القرنين الحادي عشر والثاني عشر
الميلاديين وهذا بالطبع سيعطي بعداً جديداً
للحفريات في مدينة توكرة بصفة خاصة وإقليم
قورينائية بصفة عامة.
شكر وتقدير
إن هذا العمل هو حصيلة لجهد جماعي دؤوب، يبدأ
يوميا من ساعات الصباح الأول حتى ساعات متأخرة من
الليل دونما كلل أو ملل في عمل ضد عقارب الزمن جاء
على حساب الراحة وقضاء بعض الوقت بين الأهل، فلنا
أن نهنئ أنفسنا في بادئ الأمر بنجاح ما أنيط بنا
من مسؤوليات.
خالص الشكر والامتنان لمراقبة آثار بنغازي
ومكتبها بمدينة توكرة الأثرية على تقديم يد العون
والمساعدة ووضع أماكن الإقامة تحت تصرفنا.
وافر التقدير إلى أميني اللجنة الشعبية بالكلية
والجامعة والأخ الكاتب العام على ما أبدوه من تفهم
للعمل الميداني وما بذلوه من عون في سبيل إنجاحه.
افتتاح الأستاذ أمين القسم الأخ عبدالله الرحيبي
لأعمال الموسم كان لها عظيم الأثر وأعطى دفعاً
كبيراً في نفوس الطلبة والمشاركين فله منا جميعًا
بالغ الرضا.
للأخ سالم القطعاني، ممثل الإدارة المالية
بالجامعة، التقدير وجزيل الشكر على ما بذله من جهد
في سبيل توفير كافة متطلبات الموسم، فوق تميزه في
مرونة منهجه في الإدارة وحسن أسلوبه في التعامل.
أخيرا، لكل من السيدين الفاضلين محمد خير هلال
ومعمر حمد غومة تحية حب وتقدير. لقد فاق ما بذلاه
من جهد ما يمليه عليهما الواجب، أدام الله صحتهما
ويحفظهما ويرعاهما.
خطة العمل لحفريات جامعة قاريونس بمدينة توكرة
الأثرية (موسم ربيع99)
ليـس هناك أي تعديل حول الـخطة العامة للعمل التي
وضـعت في موسم شتاء 97 ( راجع تقرير موسم 97 )،
حيث تتركز أعمال التنقيب في مكانين اثنين شبه
منفصلين لكل منهما طبيعته الخاصة. الأول:
يمثل ما يرجح أنها ملامح ساحة مفتوحة شهدت العديد
من الأنشطة أستدل عليها من خلال عدد من الخوابي تم
اكتشافها في المربع
D111
، وبقايا حوض ملاطي (18)، وفرن خبز؟ (32)، وبئر
(34)، وبئر (34)، ورغم أنه يتعذر حالياً تحديد
نوعيتها إلا أن هذه الشواهد تقدم دلالة واضحة إلى
وجود إنتاج غذائي نطاقه يتعدى الاستخدام المنزلي.
ونظراً لأن غالبية هذه الظواهر تتركز في المربعات
C103،
D127،
D119،
D111
وتتداخل علاقاتها فيما بينها فإنه من المفضل أن
يتم تكثيف العمل في المربعات السالفة الذكر، مع
التأكيد على التعاقب الطبقي الذي ترجع أصوله إلى
العصر الهللنستي ويستمر بدون انقطاع حتى بواكير
العصر الإسلامي. أما الثاني: فهو يمثل
تركيب معماري تكاد تكون حدوده الخارجية الأصلية
واضحة وقد منح رمز
RB
كإجراء تنظيمي صرف دون التلميح إلى أي مرحلة
حضارية بعينها. يشغل المبنى تقريباً النصف الغربي
من المستطيلين
E2،
F2
، وقد أمكن خلال أعمال موسم 97 تحديد ملامح فترتين
حضاريتين تتمركز على نحو ملحوظ في النصف الغربي من
المبنى، مع وجود تباين في المنسوب الذي ينخفض بشكل
تدريجي ناحيتي الشمال والشرق لذا ستستمر أعمال
التنقيب في الطرف الغربي والبدء بإزالة المحتوى
(3) الذي قد يميط اللثام عن بعض التقسيمات
الداخلية للمبنى، إضافة إلى تحقيق الأهداف المرجوة
في خطة عمل الموسم الماضي. فيما يخص أعمال المجس
RC
فإنها ستسير على نفس نمط التحكم في عملية الحفر
لأهمية ذلك في تأريخ المبنى وما شهده من تعاقب
حضاري مع إمكانية الاستدلال على بعض النواحي
البيئية.
سيتم العمل في المكانين المذكورين بالتناوب خلال
فترتي عمل تبدأ الأولى من الثامنة صباحاً حتى
الواحدة والنصف بعد الظهر، المرحلة الثانية تكون
من الرابعة عصراً حتى السابعة. معالجة اللقى
ستواكب أعمال الحفر الميداني وفق تنظيم الأستاذ
المختص.
المشرفون على الحفرية وتوزيع الأعمال والمسؤوليات
المنوطة بهم:
- أ. أحـمد مصطفى أبـوزيان: الإشـراف التنظيمـي
والـعلمي الـعام للـحفريات بـمساعدة أعضاء البعثة.
متابعة وتدريب الطلبة على أعمال المساحة.
- د. فؤاد حمـدي بن طـاهر: الإشراف على أعمال الحـفر فـي المبنى الروماني
RB.
تقديم الاستشارة
حول الـعمارة والمسكوكات.
- أ. خـالـد محمـد الهـدار: مــعـالج ومصنف
اللــقى الأثـرية.
- أ. صـالح رجـب العقـاب: الإشراف على أعمال الحفر
في الساحة والبيئي المختص المسؤول على أخذ العينات
البيئية ومعالجتها وتقديم الاستشارة بالخصوص.
- أ. الأمـين علي الـهونـي: الإشـراف على العمل
الميداني.
- أ. أحـمد سـعـد الدرسي: الإشراف على أعمال الحفر
في الساحة. متابعة أعـمال الرسـم مع الطـلبة.
- أ. يوسف عبدالسلام بن ناصر: مندوب مراقبة آثار
بنغازي. المساعدة في الإشراف على العمل الميداني
وتدريب الطلبة على أعمال التصوير الضوئي.
مع التمنيات
للجميع بالتوفيق،
أ. أحمد مصطفى أبوزيان
الـمشرف ااـعام للحـفريـات
إلى
الأعلى
[رجوع] |