الصفحة الرئيسيةالقسم في سطورأعضاء هيئة التدريسالدراسة الجامعيةالدراسات العلياخريجوا القسمنشاطات القسمحفريات القسمالرحلات العلميةمكتبة القسممعمل القسمذاكرة القسممعرض الآثار الليبيةأخبار القسممواقع مفيدة

 

الموسم التدريبي شتاء 1999

 

تقرير أولي حول أعمال التنقيب التدريبية لطلبة

 السنة الثالثة بمدينة توكرة الأثرية

(شتاء 1999)

 

في الفترة : 13/11 - 1/12/1999ف

 

إعداد:

أ. أحمد مصطفى أبوزيان

                                

بمشاركة

 

د. فؤاد حمدي بن طاهر        أ. خالد محمد الــهدار

أ. أحـمد سعـد ميلـود         أ. صالح رجب العقاب

 

أخيراً وبعد لأي قَدر لحفريات هذا الموسم أن تبدأ حيث كان لزاماً علينا قبلها تأمين مقر ملائم لإقامة الطلبة لعدم توفر شروط السلامة في المكان السابق نتيجة تداعي سقفه. وكلمة حق تقال، أن المراقبة كدأبها لم تأل جهداً في تخصيص المكان المناسب لبعثة الجامعة وتقديم كافة الإمكانيات التي من شأنها إنجاح البرنامج التدريبي السنوي الذي يدنو عمره الآن الثلاثة عقود. لقد تفضل الأستاذ إبراهيم الطواحني مراقب آثار بنغازي بمرافقة مشرف الحفريات إلى مكتب آثار العقورية ومعاينة الموقف عن كثب، عبرّ إثرها عن موافقته إقامة حجرة لإيواء الطلبة خلف مخزن الأدوات الحالي المخصص للجامعة وذلك ضمن جزء من مساحة المستودع الشاغر. ولولا الجهود المبذولة من الأخ عبد الله الرحيبي أمين القسم ما كان لهذا العمل أن يرى النور، ولابد من التنويه أن جل العمل قد تم إنجازه ذاتياً وذلك بفضل جهود الأخوة فؤاد بن طاهر وأحمد سعد وفرج عبد المطلوب والعم الفاضل معمر غومه.

 

فور الانتهاء من تجهيز مقر الإقامة بالكامل أعلن البدء في أعمال الموسم الذي وافق يوم السبت 13/11/1999. عقد العزم منذ بداية الموسم على تكريس المزيد من الجهد على معالجة اللقى الأثرية ومحاولة إلحاقها ومواكبتها لركب العمل الميداني، ولأجل ذلك توجب تقسيم الطلبة إلى مجوعتين تتناوب العمل فيما بينها بين عمليتي التنقيب والمعالجة، ونتيجة لـذلك تقلص عـدد المشاركين فـي العـمل الميداني وجعــل من تقسيمهم إلى مجموعتين الساحة والمبنى RB- أمراً عديم الجدوى. بعد تبادل وجهات النظر بين أعضاء البعثة استقر الرأي  التركيز في أعمال هذا الموسم على المبنى RB لما له من أفضلية متمثلة في السيطرة التامة على عملية التوثيق لمحتوياته والخطوة المتقدمة في معالجة لقاه وفق نظام المحتوى الفردي الذي اتبعناه منذ البداية الأولى في تنقيبه.

 

كان نتاج المواسم السابقة في المبنى RB بدءاً من موسم شتاء 1997 الكشف عن ملامح مبنى بدت نهايته الجنوبية صريحة أما جانبيه الغربي والشرقي فكانا شبه واضحين وفيما يخص الحدّ الشمالي فقد ظل معلقاً لأن خطة العمل استوجبت منذ البداية أن نبدأ من حدود واضحة ومعروفة ونتجه على نحو أفقي إلى  الغامض وغير المعروف، وبما أن هذا الشرط انطبق على المبنى عند نهايته الجنوبية كانت البداية منه، سيما وأن الحدين الغربي والشرقي يتعامدان عليه بشكل واضح وهذا بالتالي شكل تركيب مبنى ذو شكل مستطيل يفتقد إلى ضلعه الشمالي. بسير أعمال الحفر خلال الثلاثة مواسم الماضية كشف النقاب عن عشر حجرات متفاوتة الأحجام (أنظر تقرير ربع 99)، وبناء على الشواهد الأثرية يبدو أن المبنى مكون من جانبين منفصلين يفضي كل منهما على باحة مفتوحة  هذا التقسيم ينطبق فقط على آخر فترة حضارية ألا وهي فترة ما بعد الفتح الإسلامي-. بناء على هذه المعطيات كان أمامنا هدفين اثنين: الأول يسير بشكل رأسي تدريجي لتحديد الفترات الحضارية التي شهدها المبنى، أما الثاني فيكون اتجاهه أفقي لتوضيح النهاية الشمالية للمبنى والوقوف على مخططه العام. فيما يتـعلق بالهـدف الأول (الرأسي) فـقد اسـتهدفت أعـمال الـتنقيب كل من الحجرات:  VII, VI, IV, I. هذا وقد أفضت إلى النتائج التالية:

 

الحجرة I

إن مـاهية هذه الحجرة يكتنفها غموض كبير نفس القول ينطبق على باقي الحجرات- بيد أن ما يزيد من الغموض هنا هو الكشف على ما يمكن أن نسميه أثاثاً كان يستخدم لتأدية وظيفة ما في حجرة استخدمت لغرض ما. هذا التكوين الذي أتفق علية جزافاً (أثاث) تمثل في مصطبة حجرية (112) وجدت ملاصقة لمنتصف الجدار الشمالي  للحجرة منفذة بألواح حجرية رتبت بعناية وسويت من أسفل بدقة لتكون على منسوب واحد، ويقابلها عند التقاء الجدارين الجنوبي والشرقي كشف أيضاً على ما يرجح أنها بقايا لمصطبة أخرى (111) إلى الشمال منها بقليل عثر على جزء من عمل نحتي مقلوباً رأس على عقب. النحت منفذ من ثلاثة جوانب في حين ترك الجنب الرابع  الخلفي مسطحاً وكأنه كان يقف في وضع مواجه وربما داخل كوة جدارية. الطول الكلي المتبقي للتمثال بالقاعدة التي يقف عليها يقدر بنحو 0.72 م ، بحيث تشكل  قاعدته الصماء حوالي 0.18 م ارتفاعاً و حوالي 0.27 م عرضاً، ثم يأتي التمثال بطول نحو 0.54 م. يصور التمثال رجلا واقفاً تتقدم رجله اليسرى قليلاً إلى الأمام ويتكئ بيده اليسرى إلى جذع شجرة مما يسبب انحناءة بسيطة لجذع التمثال ويربض لصيقاً له ناحية اليسار نمر ربما من فصيلة البانثر. التمثال يفتقد إلى الرأس واليد اليسرى من الساعد واليد اليمنى بالكامل، في حين جزء كبير من الرجل اليمنى مشطوف بدءاً من العجيزة حتى القدم بينما الرجل اليسرى أحسن حالاً اللهم إلا من شطف أسفل الفخذ وأعلى الساق    بينما الحيوان يفتقد إلى غالبية ملامحه الأمامية وبالكاد يلاحظ بعض من جزءوه الخلفي ورجله اليسرى الأمامية. التمثال شبه عاري إلا من رداء ينسدل من على كتفه الأيسر مغطياً جزءاً من البطن. يمكن مشاهدة بعض عناقيد العنب متدلية على جذع الشجرة التي يتكئ عليها التمثال التي بالنظر إليها وربطها بالحيوان الواقف بجوار التمثال لا يسعنا إلا الخلوص شبه المؤكد أن هذا العمل يمثل الإله ديونيسيوس، وليس من شك أنه لا ينتمي للفترة الحضارية التي وجد فيها، ومن الصعب الحسم فيما أنه مجلوب من مكان ما أو أنه من أصل المبنى لأنه ليس ثقيل الوزن ويمكن حمله.

 

الحجرة IV

 

 أسفرت أعمال التنقيب في هذه الحجرة الكشف عن بقايا أرضية حركة من التربة الطينية المدكوكة يعلوها قوالب طوب من المؤكد أنها تمثل انهيار للنصف العلوي من جدران الحجرة بينما ظل النصف السفلي المنفذ بالحجارة قائماً ويعد ذلك تدعيماً لما توصلت إليه أعمال التنقيب في المواسم السابقة. السؤال الذي لم نجد بعد إجابته يتعلق بأصل الإطار (14) الموجود على طول الضلع الشرقي للحجرة إذ تبدو أرضية الحجرة ملامسة لهذا الإطار وليس هناك أية دلالة على استمرارها خلفه، أي بمعنى آخر أن هناك وقوف صريح ونهاية منسجمة مع الجانب الغربي للإطار، بيد أن ذلك لا ينهض دليلاً على تزامنهما، كما أن أعمال التنقيب داخل الإطار لم تفد بشيء و بدا الموقف أكثر تعقيدً حيث وجد كم من الحجارة المتراكمة فوق بعضها يتخللها آثار حرق يتضمن العديد من بقايا العظام الحيوانية إضافة إلى عدد من كسر الفخار الخشن. جدير بالذكر أن هذه الحجارة المتراكمة تستمر في امتدادها أسفل جدار الحجرة الشرقي والنهاية الشرقية لجداريها الشمالي والجنوبي.

  

الحجرة VI

 

بسير أعمال التنقيب وإزالة الردميات داخل حدود الحجرة تم العثور عند التقاء جداريها الشمالي (8) والغربي (6) على بقايا أواني مهشمة، وقد أمكن تجميع الكسر إلى بعضها وشكلت جرتين شبه كاملتين. ونتيجة لوجود نقر(118) على شكل ربع دائرة في هذا الركن فمن غير المستبعد القول أنهما كانتا في موضعهما الأصلي وأن لهما وظيفة ما، ولا شك أن الكشف عن حجرين واقفين (119) ملتصقين بالجدار الشمالي للحجرة، ما يغري إلى وجود صلة شبه مؤكدة بين هذين الحجرين والنقر سالف الذكر وما به من آنية. كانت أرضية الحجرة من التربة الطينية المتماسكة متضمنة العديد من كسر الملاط والقليل من مكعبات الفسيفساء، وإن كنا لا نميل إلى فكرة انتمائها لأصل الحجرة فإننا نرجح أنها جزء من ردميات ألقي بها في هذه الحجرة والأخرى  VII المجاورة لها من ناحية الشرق على نحو ما سنرى لاحقاً.

 

الحجرة VII

 

كان واضحاً منذ البداية وجود شبه كبير في ردميات هذه الحجرة بتلك التي صادفت أعمال التنقيب في الحجرة المجاورة VI. من أهم الأدلة التي استندنا عليها في اعتبارها بقايا ردميات هو سماكتها، إذ من غير المعقول أن بطانة كانت تكسي جدران ثم انسلخت عنها في إمكانها أن تكون تراكم بهذا الحجم وبقدر لا يمكن تخيله من الفتات المنتشر والمتغلغل ضمن ردميات يقرب سمكها نحو المتر، إضافة إلى ذلك الحالة التي عثر فيها على كسر الملاط التي علاوة على نسبة تفتتها البالغة لا يوجد أية بقايا على جدران الحجرة يمكن أن يستدل منها وجود عملية تكسية اللهم إذا استثنينا من ذلك البقايا البسيطة الموجودة على الجدار الشرقي من الحجرة حيث أن سمكها ومكوناتها الفجة ولونها المائل إلى الأبيض المسود بعض الشيء لا يجعلنا نرى أن هناك وجه شبه بكسر التبطين الموجودة ضمن طبقة الردميات التي كانت رقيقة ذات جسيمات دقيقة ومتميزة بلونيها الأحمر والأبيض النقي. وفيما يخص مكعبات الفسيفساء فإنه لم يعثر على أية أجزاء متحدة تعطي انطباعاً على وجود بقايا أرضية فسيفسائية كما أن النزر اليسير من كسر ملاط الأرضيات الذي أنتشل من الردميات ليس عليه ما يحمل آثار تثبيت مكعبات ومن الواضح أنها ينطبق عليها نفس القول في كونها جاءت أيضاً ضمن الردميات. باستمرار أعمال التنقيب في محتوى الردميات هذا (124) تم الكشف على ثلاث كتل مشذبة من الحجر الرملي وليس، هناك ما يشير إلى أنها في موضعها الأصلي. مباشرة إلى الجنوب من هذه الكتل عثر على بدن عمود رخامي صغير ذو أخاديد حلزونية، بلغ أقصى طول له 0.90 م. تم العثور أيضاً على قاعدة زير مع بعض من البدن.

 

أسفل هذه الردميات يوجد طبقة متماسكة من التربة الطينية بسمك بلغ 0.05 م، يليها تنشر طبقة رقيقة من التربة الرملية ذات لون ينزع إلى الأبيض المخضر (134).

 

 فيما يتعلق بالجزء الشمالي فقد كان يغطيه بالكامل كمّ هائل من الحجارة الغشيمة الصغيرة والمتوسطة يتخللها نسبة متسللة من التربة الطينية ساعدت  على نمو بعض نبتات العوسج. كانت البداية تفريغ الحجارة من التربة الطينية التي تتخللها مع الحرص الشديد على عدم انتزاع الحجارة والإبقاء عليها. إن هذه الخطوة من شأنها المساعدة في تحديد ماهية هذا التراكم من الحجارة ضمن بقعة لا تتعدى مساحتها خمس وأربعون متراً مربعاً. إثر عمل دؤوب ومتواصل باستعمال المالج فقط تجسمت هذه الحجارة وبات من الواضح بعد معاينتها بدقة خلوها من أية عناصر معمارية كما أنها قطعاً لا تكون تراكيب معمارية من أية نوع، وقد منح المحتوى الرقم 121 وبعد عملية التصوير شرع في إزالته. من المرجح أن هذه الحجارة التي تغطي المربعات F 228, F227, F226, F220, F219, F218  قد جاءت نتيجة استغلال جزء من المنطقة المحيطة في الحرث الموسمي الذي ربما يرجع إلى بداية القرن العشرين أو حتى قبل ذلك، وهذا الوضع يذكرنا بالمحتوى 1 الذي صادف أعمال التنقيب في الساحة (راجع تقرير موسم 97, ص3). من الملفت للنظر أنه عند إزالة المحتوى 121، وجود طبقة من التربة الطينية المفككة تتضمن نسبة لا بأس بها من الحجارة الرملية والجيرية متوسطة الحجم ومشذبة من واجهاتها الخارجية1 وهناك ميل كبير في اعتبارها انهيارات لجدران حجرات، هذا وأعطي لها الرقم 125. بدت بعض التقسيمات تظهر بشكل جلي وواضح من بين أنقاض الحجارة 125 حيث أفضت أعال التنقيب إلى الكشف عن خمس حجرات وفناء (ربما قسم في فترة لاحقة إلى فناءين)، إضافة إلى تكوينين معماريين شبه دائريين وبقعة يتراكم فيها بشكل ملفت للنظر كمية من قوالب الطوب المحروق (179) تحمل على إحدى وجهيها خطين متصالبين. بحكم ضيق الوقت فقد تركز العمل على الحجرات الأربع والفناء في حين أرجئت بقية الظواهر المذكورة آنفاً إلى خطة عمل الموسم القادم.

 

 من أهم النتائج التي خلصت إليها أعمال التنقيب لهذا الموسم كان الكشف عن الحدّ الشمالي للمبنى RB، كما أن الكشف عن المزيد من الحجرات رفع من الحصيلة بحيث بلغ مجملها حالياً خمس عشرة حجرة مع ملاحظة أن التقسيمات الداخلية غير محسوبة (الحجرتان XIII, XII) إذ أنهما منحتا ترقيم فرعي يبقي على نفس الرقم الرئيسي مع إضافة حرف  A أو B. ما يلفت النظر في هذا الجزء من المبنى، العثور على بعض المخلفات الصناعية وبالتحديد ما يرجح أنها بقايا صهر لمعدن الحديد مما يعزز رأينا بخصوص وجود نشاط صناعي إلى جانب الاستخدام السكني للمبنى، وفي حقيقة الأمر من الصعب الفصل بين تحديد أماكن التصنيع والسكن ضمن المبنى، إذ على سبيل المثال، كثافة مستوى آثار الحرق في الحجرة XIV يمكن أن تعزي لأي من النشاطين أو كليهما، هذا إذا تتبعنا آثار الحرق أما إذا نظرنا إلى توزيع المخلفات الصناعية نجد أنها تتركز في الفناء المفتوح الذي كشف عنه هذا الموسم، إضافة إلى الفناء الخاص بالجزء الجنوبي (راجع تقرير الموسم الماضي).

 

 فيما يتعلق بالحجرات الخمس الإضافية المكتشفة كان من الواضح أنها مرت بأكثر من فترة حضارية رغم عدم استكمال تنقيبها. آخر فترة حضارية (ربما ترجع إلى ما بعد الفتح الإسلامي) تمثلت في الحجرة XI  إذ شهدت قفلاً لمدخلها الغربي المطل على الفناء وقفل آخر لمدخلها المؤدي للحجرة   Xوأصبح مدخلها الواقع ضمن جدارها الشمالي هو الوسيلة الوحيدة لاستعمالها، مع ملاحظة أن هذا المخل كان يشكل حلقة الوصل للحجرة XII الواقعة إلى الشمال مـباشرة التي نـرى أنها في هـذه الآونة قد أضحت غير مستخدمة شأنها شأن باقي الحجرات XV, XIV, XIII.

 

الحجرة XII كانت تتضمن مدخلاً في الجدار الشرقي من المبنى الذي يمثل أيضاً أحد أضلاعها. من المرجح كذلك أن الحجرة XIII قد مرت بنفس الإجراء حيث أقفل مدخلها الواقع في الجدار الشمالي للمبنى. نجم عن هذا التعديل أن الحجرتين XIII, XII قسمت كل منهما إلى جزئين بجدار فاصل فج. الحجرة XII بقسميها الشرقي والغربي B, A على التوالي حجمهما شبه متقارب ويحتوي الجدار الفاصل بينهما على مدخل، في حين تقسيما الحجرة XIII لم يكن كذلك، حيث جاء القسم الشرقي A أقل حجماً، مع الإشارة إلى عدم التمكن من معرفة الكيفية التي كان يتم بها الولوج لها وإن كان هناك ملامح قفل لا تبدو مقنعة عند النهاية الشرقية لجدارها الجنوبي.

 

بخصوص الحجرتين XV, XIV من غير المؤكد أنهما شهدا تعديلاً يشابه الذي لوحظ في الحجرات السابقة، بيد أن ما يسترعي الانتباه في الحجرة XV تلك الأنقاض المتراكمة من قوالب الطوب المحروق (179)، وبما أنه لم تجر بعد أية أعمال تنقيب فإنه من السابق لأوانه الخوض في ماهيته. يوجد ملاحظة تلفت الانتباه في هذه الحجرة من الداخل، ألا وهو وجود   درجتين (188) تقريباً عند منتصف جدارها الشمالي من الذي يزيد سمكه فجأة عن معدله على ضلعي الحجرات XIV, XIII, XII. ربما هذا السمك الملحوظ عمل قصداً لاستقبال درج (متبقي منها فقط درجتين) تقود لدور علوي أو لمصطبة مرتفعة عن مستوى سطح الأرض ذات غرض صناعي؟.

 

من الظواهر الشائقة التي تم الكشف عنها سلم من درجتين (188) قد يعد دلالة على أنه كان يوجد طابق ثان، وهي تحاكي في أسلوب تنفيذها السلالم والبسطة (60،61) الموازية لها مباشرة ناحية الجنوب بوضع فيه تناظر وانسجام وبدون وجود أي فاصل بينهما.

 

من أهم اللقى الصغيرة والمميزة التي عثر عليها هذا الموسم تنتمي للمحتوى RB 125 وتحديداً في المربع F 211، وهي عبارة عن جزء من قطعة صغيرة مستطيلة الشكل، ربما من المرمر، مستوية الجوانب ويجد على سطحها العلوي تجويفين دائريين غير عميقين يحصران بينهما إلى الأسفل قليلاً إطار بيضاوي  بداخله أشكال محززة ربما تمثل أحرف؟، وتوزيع هذه الزخرفة البسيطة فيها بعض التناظر. هذه اللقية تشبه إلى حدّ قريب مكعبات لعبة الدومينو، ومن المحتمل أن تكون ختماً.

 

بالنسبة للقى الأثرية إجمالاً فقد هيمن بشكل ملحوظ الفخار الخشن على سائر الأصناف الأخرى التي تمثلت في العملة والفخار المصقول والعظام الحيوانية. ويفيد الأستاذ خالد الهدار أنه من خلال نظرة عامة على أنواع الآنية التي عثر عليها تحديداً في الطرف الشمالي من المبنى نرى أن معظمها له صلة بالاستخدام المنزلي مع التأكيد على أنه كان هناك ندرة واضحة للمصابيح التي لها ارتباط وثيق بالنشاط السكني والإقامة الدائمة. أما عن الفخار المصقول فقد سجل انحيازاً ملحوظاً لمنتجات الفخار الأفريقي ذو الصقل الأحمر وكذلك الروماني المتأخر C، مع الإشارة إلى ظهور أنواع تؤرخ إلى ما بعد القرن السابع الميلادي (الفتح الإسلامي للإقليم)، وقد جاءت العملة وفق رأي الدكتور فؤاد بن طاهر- متفقة زمنياً مع التواريخ التي اقترحها الفخار باستثناء عدد قليل منها ينظر إليه على أنه ضمن اللقى الموروثة أو المتبقية. أعمال المعالجة مستمرة تحت إشراف الأستاذ خالد الهدار، وقد تم إقامة أرفف معدنية جديدة استعمل جزء كبير منها في تخزين اللقى التي تم معالجتها، ذلك حسب نوعيتها ووفق تسلسل أرقام محتوياتها وأصبحت الآن رهن الدراسة النهائية.

 

شكر وتقدير

 

 يطيب للأخوة مشرفي الحفرية في ختام هذا التقرير التقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى جميع الأخوة بمراقبة آثار بنغازي ومكتبها بمنطقة آثار العقورية على ما أبدوه من تجاوب وتعاون في إقامة الحفريات. ندين بالكثير للأخ يوسف بن ناصر فهو فوق مسؤوليته مندوباً للمراقبة إلا أنه لم يدخر وسعاً في أعمال التدريب والإشراف. إننا نعبر عن عظيم الامتنان للزيارة الكريمة التي قام بها الكتور محمود الفاخري أمين اللجنة الشعبية للجامعة صحبة الكتور محمد الدويب أمين اللجنة الشعبية للكلية، ولا يفوتنا أن ننوه بالوقت الذي كرسه لنا الأستاذ حسين الغزال الكاتب العام للجامعة والأخ عبدالله الرحيبي أمين القسم اللذين زارا موقع الحفريات وأطلعا عن كثب سير العمل اليومي فيها. شكر خاص للأخ فرج عبد المطلوب بمكتب آثار العقورية على جهوده العظيمة  في أعمال الصيانة لأماكن الإقامة. أسمى التقدير والاحترام للعمين الكريمين محمد خير ومعمر غومة لما بذلاه من جهد في أعمال الإعاشة وجعل فترة إقامتنا غاية في الراحة والرضا.

                                                                         

 

 

 أ. أحمد مصطفى أبوزيان

المـشرف العـام للحـفريات

 


 

1 غالبية هذه الحجارة المشذبة من واجهاتها الخارجية وضعت جانباً في المستطيل G2.

 إلى الأعلى

[رجوع]