مدينة زويلة الأسلامية

تقع مدينة زويلة إلى الشرق من مرزق بحوالى 140 كم وإلى الجنوب الشرقي من مدينة سبها وتتصل بها عن طريق صحراوى غير متفرع من طريق سبها أوبارى يبلغ طوله 160كم تقريباً.

افتتح عقبة بن نافع زويلة في سنة 22هـ وصالح أهلها ودفعوا 300 رأس من العبيد.

تعتبر مدينة زويلة احدى المدن سميت الاسلامية في ليبيا حيث عثر على معالم أثرية اسلامية ترجع إلى العهد الفاطمى، وقد سميت زويلة بعد الفتح الاسلامى بلد الأشراف كما سميت زويلة بنى خطاب. وقد وصفها كثير من الجغرافيين والرحالة العرب وأثنوا على منتجاتها فوصفها البكرى في كتابه المسالك والممالك وهو من أهالى القرن الخامس الهجرى بقوله"وهى مدينة غير مسورة في وسط صحراء وهى أول حد بلاد السودان وبها جامع وحمام وأسواق يجتمع بها الرفاق من كل جهة منها، ومنهايفترق قاصدهم وتتشعب طرقهم وبها نخيل وبساط للزرع يسقى الابل".

وفي القرن السادس الهجرى ذكرها الادريسى في كتابه نزهة المشتاق في اختراق الآفاق بقوله "...زويلة بناها عبدالله بن خطاب الهوارى وسكنها هو وبنو عمه في سنة306هـ وهى منسوبة لهذا الرجل وبه اشتهر اسمها، وهى الآن عامرة....وهي مدينة صغيرة وبها أسواق ومنها يدخل إلى جمل من بلاد السودان وشرب أهلها من آبار عذبة ولها نخل كثير وثمرها حسن، والمسافرون يأتونها بأمتعة من جهازها وجمل من أمور يحتاج اليها"

أما صاحب كتاب الاستبصار فيقول"مدينة زويلة مدينة كبيرة قديمة أزلية في الصحراء". ويذكر ياقوت الحموى في كتابه معجم البلدان" ان لأهل زويلة حكمة في احتراس بلدهم وذلك أن الذى عليه نوبة الاحتراس منهم يعمد إلى دابة فيشدعليها حزمة كبيرة من جرائد النخل ينال سعفها الأرض ثم يدور بها حوالى المدينة، فاذا أصبح من الغد ركب ذلك المحترس ومن تبعه على جمال السروج وداروا على المدينة فان رأوا أثرا خارجا من المدينة اتبعوه حتى يدركوه أينما توجه، لصا كان أو عبدا أو أمة أو غيرذلك".

اما في القرن السابع الهجرى فيصفها القزويني صاحب آثار البلاد بقوله" مدينة بأفريقيا غير مسورة في أول حدود السودان، ولأهلها خاصية عجيبة في معرفة آثار القدم، ليس لغيرهم تلك الخاصية حتى يعرفوا أثر قدم الغريب والبلدى والرحل والمرأة واللص والعبد الآبق والأمة".

ومن أهم معالم مدينة زويلة الاثرية التي مازالت قائمة الأضرحة السبعة لحكام زويلة من أسرة بنى الخطاب الذين حكموا منذ أواخر القرن الثالث الهجرى حتى سنة 568هـ حين قضى قراقوش وهو أحد قواد صلاح الدين الأيوبى على حكمهم بمدينة زويلة بقتل آخر ملوكهم محمد بن الخطاب وخطب فيها لصلاح الدين.

ان مدينة زويلة الاسلامية كانت مدينة عامرة مزدهرة ويدلنا على ذلك ما كتبه عنها الجغرافيون والرحالة العرب وكذلك العثور على دينار اسلامى من الذهب سك بدار السك بمدينة زويلة زمن الخليفة الفاطمى الظاهر لاعزاز دين الله سنة 414هـ ، وتعد بقايا المسجد العتيق بزويلة من أهم المعالم الاسلامية بها، هذا وان الحفريات مستقبلا ستلقى مزيدا من الضوء على المعالم زويلة الاسلامية.

 

عن كتاب سعيد على حامد ، المعالم الاسلامية بالمتحف الاسلامي ، ص ص.53-55 .

  

مدينة اجدابية الإسلامية

 

تقع مدينة اجدابية على الطريق الساحلي على بعد 160كم جنوبي مدينة بنغازي.

كانت أجدابية في العصر الروماني عبارة عن مركز حربي وقد افتتحها عمرو بن العاص سنة 22هـ صلحا على أن يدفع أهلها خمسة آلاف دينار، وقد أسلم كثير منهم في هذا الفتح.

نالت مدينة أجدابية عناية الكثير من الجغرافيين والمؤرخين والرحالة العرب الذين مروا بها ودونوا مشاهداتهم عنها، فيصف اليعقوبي المتوفى سنة 284هـ في كتابة البلدان مدينة أجدابية بقوله"وهي مدينة عليها حصن وفيها جامع وأسواق قائمة... ولها أقاليم وساحل على البحر المالح على مقدار ستة أميال من مدينة وترسى به المراكب".- أما ابن الحوقل فيقول عنها في كتابة صورة الأرض الذي كتبه سنة 336هـ" مدينة أجدابية على صحصاح البحر من حجر في مستواه، بناؤها بالطين والآجر وبعضها بالحجارة ولها جامع نظيف ويطيف بها من أحياء البربر خلق كثير، ولها زرع بالبخس وليس بها ولا ببرقة ماء جار، وبها نخيل حسب كفايتهم وبمقدار حاجتهم، وواليها القائم بما عليها من وجوه الأموال وصدقات بربرها وخراج زروعهم وتعشير خضرهم وبساتينهم هو أميرها، وصاحب صلاتها، وله من وراء ما يقبضه للسلطان لوازم على القوافل الصادرة والواردة من بلاد السودان. وهي أيضاً قريبة من البحر المغربي فترد عليها المراكب بالمتاع والجهاز وتصدر عنها بضروب من التجارة، وأكثر ما يخرج منها الأكسية المقاربة وشقة الصوف القريبة الأمر وشرب أهلها من ماء السماء".

عند انتقال المعز لدين الله الفاطمي من المغرب غلى مصر نزل سنة 362هـ بمدينة أجدابية بالقصر الذي بنى له وعند وجوده بها أمر بأن تصنع فيها صهاريج لجمع مياه الأمطار.

ووصف البكري مدينة أجدابية في القرن الخامس الهجري "وهي مدينة كبيرة في الصحراء، أرضها صفا وآبارها منقورة في الصفا طيبة الماء، وبها عين ماء عذب ولعا بساتين لطاف ونخل يسير وليس بها من الأشجار إلا الآراك وبها جامع حسن البناء بناه أبو القاسم بن عبيد الله ، له سومعة مثمنة بديعة العمل وحمامات وفنادق كثيرة وأسواق حافلة مقصودة وأهلها ذو يسار أكثرهم أقباط، وبها نبذ من صرحاء لواته ولها مرسى على البحر يعرف بالمحور ، لها ثلاثة قصور وبينها ثمانية عشر ميلاً، وليس لمباني مدينة أجدابية صقوف إنما هي أقباء طوب لكثرة ريحها ودوام هبوبها. وهي راخية الأسعار كثيرة الثمر ، يأتيها من مدينة أوجلة أصناف التمور" . إلا أن وصف البكري لا ينطبق عليها في القرن الذي يليها أي السادس إذ يصف الأدريسي مدينة أجدابية في كتابه نزهة المشتاق في أختراق الأفاق بقوله :" وأجدابية في الصحاح من حجر المستو كان لها صور فيما سلف ، وأما الأن فلم يبقى منها إلا قصران في الصحراء والبحر منها على أربعة أميال وليس بها ولا حولها شيئ من النبات وأهلها الغالب عليهم يهود ومسلمون تجار ويطوف بها من أحياء البربر خلق الكثير وليس بأجدابية ولا ببرقة ماء جار وأنما مياههم من مواجن وسواني التي يزرعون عليها قليل الحنطة والأكثر شعير وذروباً من القطاني والحبوب " .

وفي القرن السابع مر الرحالة المغربي العبدري على أجدابيا وذكر أنه ليس هناك إلا قصر ماثل في الخلاء من الأرض لا ماء جار ولا شجرة واحدة .

أما الرحالة العياشي المتوفي سنة 1090هـ يروي في رحلته أن شيخه محمد بن مساهل الطرابلسي أخبره أن الأمام سحنونا بقى مدرساً بجامع أبا القاسم بن عبيد الله الموجود في أجدابية ثلاث سنوات وذكر العياشي أن هناك رسم مسجد قديم تهدم ووجد في بعض مجاراته تاريخ بنيانه المنقوشة سنة ثلاث مئة . في الحقيقة أن رواية العياشي عن تدريس الأمام سحنون عن بمسجد أجدابية تنقصها الدقة، فمن المعلوم أن الأمام سحنون بن سعيد بن حبيب التنوخي ناشر مذهب الأمام مالك في الشمال الأفريقي قد قدم لأفريقيا سنة 181هـ ونزل في طريقه في مدينة أجدابية ثم أقام فترة في مدينة طرابلس وقد توفي سنة 240هـ على حين أن المسجد أمر ببنائه سنة 300هـ أبو القاسم أبن عبيد الله الفاطمي المتوفي سنة 334هـ .

لقد أزدهرت مدينة أجدابية ونمت بعد الفتح الإسلامي لشمال أفريقيا وعرفت باسمها الحالي ويرجع سبب أزدهارها إلى أهمية موقعها عند مفترق الطريق الساحلي وطرق القوافل الممتدة عبر الصحراء، ويعود أهتمام الفاطميين بها لموقعها الذي بفضله يمكن تأمين طرق التجارة بين مصر والمغرب .

لقد شهدت مدينة أجدابية أوج عظمتها في القرون الثالث والرابع والنصف الأول من القرن الخامس، وفي النصف الثاني من القرن الخامس أخذت المدينة في الأضمحلال على أثر هجرة القبائل العربية من بني هلال وسليم إلى الشمال الأفريقي اتلي بدأت سنة 442هـ ثم توالت الهجرة على شكل موجات متعاقبة وقد ذكر العلامة ابن خلدون أن هذه القبائل قد ضربت المدينة الحمراء (برقة) وأجدابية وأسمرا وسرت .

بفضل الحفريات التي أجرتها مصلحة الآثار ظهرت الكثير من المعالم الإسلامية بمدينة أجدابية فقد تم أكتشاف الجامع الذي بناه أبو القاسم أبن عبيد الله وهو يعرف الأن بمسجد سحنون ، كما عثر على آثار لسور ضخم ، وتمكن من أكتشاف القصر المحصن وكذلك قليل من الفخار الذي يرجع إلى العهد الفاطمي .

أن القصر المحصن ومسجد سحنون بهما زخرف معماري من الحجارة المنحوتة كما أن تشبه البقايا الباقيا من المبنيين يقوي الرآي القائل بأنهما يرجعان إلى عصر واحد .

هذا وأن الحفريات التي ستجرى بمدينة أجدابية ستلقي مزيد من الضوء على تاريخ المدينة الإسلامي .

 

عن كتاب سعيد على حامد ، المعالم الاسلامية بالمتحف الاسلامي ، ص ص.57-60 .

[رجوع]

[Back]

photo_small.jpg photo2_small.jpg photo3_small.jpg photo4_small.jpg
photo5_small.jpg photo6_small.jpg photo7_small.jpg photo8_small.jpg
photo9_small.jpg photo10_small.jpg photo11_small.jpg photo12_small.jpg
photo13_small.jpg photo14_small.jpg photo15_small.jpg photo16_small.jpg
photo17_small.jpg photo18_small.jpg photo19_small.jpg photo20_small.jpg
Page:[1] [2]

Photo album created with Web Album Generator