أهتم الليبيون قديماً بالطقوس الجنائزية التي تدل على أعتقادهم بحياة الآخرة فقد أنتشرت المعابد والمقابر المنحوتة في الصخر يشاهد الكثير منها في شحات تعود إلى العصرين اليوناني والروماني .

وقد كشف مؤخراً الرحالة الإيطالي هايمن معبداً جنائزياً بمنطقة سلنطة جنوبي شحات يعتبر فريداً من حيث أنه يميل إلى الثقافة المحلية البعيدة عن التيارات الخارجية ويتميز هذا المعبد بمنحوتاته ذات الأشكال الأدمية والحيوانية، حيث تختلف عن النحت اليوناني والروماني ، فهي واضحة المعالم لكونها ثقافة ليبية مئة بالمئة ربما يعود تكرار المناظر والأشكال المنحوتة خاصةً الأفاعي التي لعبت دوراً هاماً في العبادة إلى شهرة الليبين بمناعتهم ضد سمومها وقدرتهم على معالجة المصابين بها .

عن كتاب ليبيا الكنوز الصامتة...........

مدينة جرمة الأثرية

تطرق المؤرخ اليوناني الشهير هيرودوت (484-434 ق م)في كتابته إلى القبائل الليبية القديمة فذكر قبيلة الجرمنت التى كانت تستوطن منطقة فزان و بالتحديد منطقة جبل زنككرا حيث تقع أقدم الآثار الجرمنتية التى عثر عليها حتى الآن على قمة الجبل المذكور .وتتمثل تلك الاثار في وجود بقايا قرية محصنة كانت مسكونة في الفترة بين سنة 900 ق م و القرن الأول الميلادي و يرجح أن الجرمنتيين وفي بداية القرن الأول الميلادي نزحوا من قريتهم إلى المنطقة الواقعة على سفح الجبل مقربة من وسط الوادي المسمى حاليا وادي الحياة ،حيث اسسوا مدينة جرمة التى أضحت عاصمة لحضارتهم التى بلغت أوجها في الفترة التى أعقبت ذلك .

و قد أورد هيرودوت في كتابه الرابع من تاريخه أن الجرمنتيين كانوا يمتهنون الزراعة و رعي الماشية وأن لديهم نوعا من الثيران نمشى إلى الخلف عند رعيها لإنحناء قرونها إلى الأمام مما يمنعها من الوصول إلى الكلا و هي لا تختلف عن غيرها من أنواع الماشية الأخرى بإستثناء سماكة جلدها .كما أنالجرمنتيين يعدون الأكثر خبرة في إختراق الصحراء و المناطق الجنوبية مما جعلهم ينفردون بالقدرة على أصطياد الفيلة والزراف والنعام التي كانت تغطي تلك المناطق . ثم يذكر هيرودوت أن الجرمنتيين كانوا يطاردون عشائر الأثيوبيين سكنة الكهوف . مستعملين عربات تجرها الخيول ، وأفاد بوجود طريق للعربات الجرمنتية عبر الصحراء إلى غدامس وتاسيلي الهجار ومرتفعات (أدرار ايفوراس ) وحتى الحدود الحالية للنيجر. وتدل النقوش والرسوم على الصخور التي اكتشفت في تلك المناطق على صحة تقرير هيرودوت عن مرور المركبات الجرمنتية عبر الصحراء وان كانت مساراتها غير معروفة بالتفصيل.

وقد سيطر الجرمنتيون في زمن الامبراطورية الرومانية على خيال سكان سواحل البحر الابيض المتوسط بشكل كبير. فقد كانوا يمثلون في أذهان أولئك السكان ذلك الجنوب الاسطوري الكائن وراء الحدود الجنوبية النائية للأقاليم الافريقية الواقعة تحت سيطرة الرومان. وقد قاوم الجرمنتيون نفوذ الرومان بالتحالف مع القبائل الليبية الاخرى وكانت الانتصارات التي أحرزوها في أوائل القرن الأول الميلادي قد شجعتهم على الوصول إلى السواحل وتهديد الرومان على مشارف المدن التي كانوا يقطنونها، ففي سنة 70م وعلى اثر وفاة الامبراطور فسياسيان قام سكان اويا ( طرابلس) بمؤازرة الجرمنتين بالمقاومة معهم وقد وصلت جيوشهم إلى مشارف لبدة، ولم تتوطد العلاقات السلمية إلا في العهد اللاحق وذلك عندما تولى مقاليد الحكم في الدولة الرومانية الامبراطور سبتيميوس سيفيروس (193-211م ) فأمنت الطرق وازدهرت التجارة بين جرمة ولبدة وغيرها من المدن واستمرت الاوضاع كذلك طوال القرن الثاني والثالث الميلاديين حيث بلغت جرمة أوج ازدهارها وتشمل الآثار الحالية المتبقية من جرمة القديمة- والتي تقع على مقربة من مدينة جرمة الحالية التي يقطنها زهاء 2000 نسمة من السكان الذين تنحدر أصولهم من أولئك الجرمنت القدماء-. وقد كشف على بقايا السور القديم وبعض القاعات والمنازل.ويلاحظ أن مكونات البناء في معظم المباني من الطوب اللبني المجفف المستعمل في اعادة جملة من المواد الاولية المتوفرة بالمنطقة . ومن أهم المعالم بها مجموعة المفابر الرئيسية ومن بينها الضريح الهيكلي المعروف (بقصر وطواط) المشيد بحجارة مربعة.

بتصرف عن كتاب ليبيا الكنوز الصامتة...........

مدينة قرزة

تقع قرزة على مسار ساعتين ونصف جنوب شرق طرابلس بخط مستقيم، ويحتضنها وادي قرزة في جزئه الشمالي قبيل التقائه بوادي زمزم، وتحديداً في منطقة الواقعة بين الحصنيين الرومانيين الكبيرين، حصن أبي نجيم وحصن القريات الغربية، ولهذا كانت قرزة مركزاً حيوياً وشريان اتصال بين الشمال وجنوب طرابلس ، وكذلك بين شرقها وغربها.

ولم يعرف سبب تسمية المستوطنة باسم قرزة، ويحتمل أن اسمها الأصلي " قريزيا" GERIS- التي ذكرها المؤرخ بطليموس في قائمة مدن منطقة سرت ولم تذكر في أية مصادر قديمة اخرى. على أن أول اشارة إلى مستوطنة قرزة في النصوص العربية تعود إلى ماذكره الجغرافي الأندلسي ( البكري) في كتابة الشهير " المسالك والممالك" حيث ذكر أن قرزة هي مركز قبيلة هوارة.

إن أطلال مدينة قرزة لتعد من أهم المعالم الأثرية في جماهيريتنا العظمى، وهي ذات صبغة محلية متأثرة بالأساليب والطرز المعمارية التي سادت أواخر العصر الهلينستي. كما أن الأضرحة نفسها تخص شخصيات ليبية ، فقد وردت أسماء فضيل ونميرا وناصيف، منقوشة على الضريح الرئيسي بالمقبرة الشمالية .

وتشمل الآثار مجموعة من المساكن،والتي يبلغ عددها حوالي 30 مسكناً تقريباً، وتقع على الضفة اليسرى من الوادي على بعد 300 متر من التقائه بوادي زمزم. كذلك تشمل مجموعات للمقابر مبنية على هيئة معابد ومنارات مسلية: اولى منها تتاخم المساكن الأثرية المذكورة وتؤلف سبعة أضرحة أولها في الطريق لشمالية وهذا الأثر أكبرها من حيث الأهمية و التصميم المعماري..

أقيمت مستوطنة قرزة وما حواها من مستوطنات اخرى في العصر الروماني ( في عصر الامبراطور سبيتموس سيفيريوس )وهو ليبي الأصل من مواطني لبدة الكبرى إذ أنه ولد فبها سنة 146م ، وحكم الدولة الرومانية من عام 193م إلى عام 211م. وقد توطد أمن الولايات الافريقية في عهده وازدهرات الحياة الاقتصادية و الاجتماعية بصفة عامة، وما نجهله هو الفترة الأخيرة من حياة هذه المستوطنة، ولكن يحتمل أن ظهور قبيلتي لواته ولوساي في أواخر القرن الرابع الميلادي وبداية القرن الخامس الميلادي قد سارع إلى انهيار هذه المستوطنة.

وقد قامت مصلحة الآثار بنقل معالم أحد الأضرحة – وهو ضريح (ج) من المقبرة الجنوبية إلى المتحف بطرابلس (متحف الجماهيري ) ليكون نموذجاً يمثل تلك المجموعة من المقابر وذلك للتعريف بالاسلوب المعماري الجنائزي المحلي في فترة مزدهرة من الحضارة الليبية في عصور ماقبل الاسلام.

إن أول إشارة إلى مستوطنة قرزة في النصوص العربية تعود إلى ماذكره الجغرافي الأندلسي ( البكري) في كتابة الشهير " المسالك والممالك " حيث ذكر أن قرزة هي مركز قبيلة هوارة.أما عن الاهتمام بها في زمننا الراهن، فقد عنى بعض الباحثين المتخصصين بمعالمها وكتبوا عنها بعض الأبحاث التي منها على سبيل المثال ما قام به كل من Brogan -D.J.Smith & Olwenبالتعاون مع مصلحة الآثار التي قامت بنشرها عام 1984م في كتاب حمل عنوان Gerza Libyan Settlement in the Roman Period .

بتصرف عن كتاب ليبيا الكنوز الصامتة...........

[رجوع]

[Back]

photo_small.jpg photo2_small.jpg photo3_small.jpg photo4_small.jpg
photo5_small.jpg photo6_small.jpg photo7_small.jpg photo8_small.jpg
photo9_small.jpg photo10_small.jpg photo11_small.jpg photo12_small.jpg

Photo album created with Web Album Generator