الصفحة الرئيسيةالقسم في سطورأعضاء هيئة التدريسالدراسة الجامعيةالدراسات العلياخريجوا القسمنشاطات القسمحفريات القسمالرحلات العلميةمكتبة القسممعمل القسمذاكرة القسممعرض الآثار الليبيةأخبار القسممواقع مفيدة

 

الموسم التدريبي شتاء 2004

 

تقرير أولي حول أعمال التنقيب التدريبية لطلبة

السنة الثالثة بمدينة توكرة الأثرية

(شتاء 2004)

 

في الفترة : 30/11 – 09/12 - 2004

 

إشراف وإعداد:

 

أ. أحمد مصطفى أبوزيان

 

بمشاركة:

 

د. فؤاد حمدي بن طاهر

 

مجريات أعمال التنقيب في المربع E222

 

أبعادها 3.00 × 3.00 متر من المربع E222 (شكل 1). أسفرت أعمال التنقيب في الكشف على أحد الشوارع الرومانية العرضية الثانوية Decumanus التي تقطع مدينة توكرة الأثرية من الشرق إلى الغرب. وقد تبين من خلال المستويات المتعاقبة التي أمكن تحديدها وما صاحبها من لقى أثرية مميزة أن هذا الشارع ظل مستخدما منذ إنشائه مع بداية العصر الروماني المبكر إلى ما بعد أواخر القرن الخامس الميلادي، أي قبل أن يتم الاعتداء على مخطط المدينة ونظام شوارعها خلال المرحلة المتأخرة من العصر البيزنطي في إقليم كيرينايكا حيث تم انتهاك حرمات الشوارع والبناء عليها وأستعيض عنها بأزقة ضيقة متعرجة (أنظر على سبيل المثال مخطط حفريات جامعة قاريونس في الفترة ما بين 1985 - 1992 ف). مثل هذه الفوضى المعمارية -إن صح التعبير- قد شهدتها كل مدن الإقليم، وخير مثال على ذلك مبنى الحمامات الرومانية في مدينة أبولونيا (مدينة سوسه حاليا).

شكل 1: موقع E 222 و E 229 ضمن الشبكية العامة للموقع الأثري.

كما أظهرت أعمال التنقيب أن الشارع لا يزال مستمرًا تجاه الغرب والجنوب، وإن كان استمراره نحو الجنوب غير واضح تماما بالمقارنة مع امتداده تجاه الغرب. على أي حال، يمكننا القول مبدئيا أننا لسنا بعيدين في الكشف عن الحلم المنشود المتمثل في شارع الكاردو الرئيسMaximus  Cardo الذي يشكل أحد المحورين الرئيسيين في تخطيط المدن الرومانية إذ أنه يمتد من الشمال إلى الجنوب عند منتصف المدن الرومانية تقريبًا حيث يتقاطع مع المحور الرئيس العرضي المسمى Decumanus Maximus الذي يمتد من شرق المدينة إلى غربها. ووفقاً لما هو متوفر لدينا من معطيات حول وجود بقايا لقوس نصر تم تحديد موقعه عند منتصف شارع الديكومانوس الرئيس تقريبًا، فإننا لسنا بعيدين عن امتداد شارع الكاردو، وعليه تعتبر أعمال التنقيب المستقبلية تجاه الغرب أو الجنوب من المربع E222 حاسمة بالخصوص.

     

لقد تبين أن مستوى سطح أرضية الشارع الروماني يبلغ ارتفاعها عن مستوى سطح البحر 5.79 متر، وهي أرضية متماسكة يتراوح سمكها ما بين 10 إلى 15 سم وهى مؤلفة من كسر حجرية صغيرة مخلوطة بشقف فخارية صغيرة وتربة طينية رملية مدكوكة بشكل جيد بحيث تبدو وكأنها معمولة من الكونكريت (الخرسانة)، وقد أقيمت الأرضية على فرشة قوية من الأحجار الرملية المرصوفة بإتقان عثر ضمنها على قطعة عملة بطلمية الأمر الذي أكد لنا أننا نتعامل مع شارع يعود إلى الفترة الرومانية المبكرة وإن كان ذلك لا ينفي أن هذا الشارع ربما يعود أصلا إلى الفترة البطلمية.

 

يجب الإشارة إلى أن المحتوى (6) الذي تتشكل منه الردميات العائدة لأخر فترة استخدام للشارع تزيد سماكته عن 0.30 متر، وهو مكون في معظمه من تربة طينية ونسبة قليلة من الرمل مدكوكة بشكل جيد. وعلى الرغم من كونه فقير إلى حد ما في اللقى الأثرية فقد عثر فيه على لقى مميزة ساعدتنا على تأريخ استغلاله الأخير من أهمها كسرتين من مصباحين ذوا شكل كمثري يعودا إلى الفترة ما بين القرن الخامس والسابع الميلادي، بالإضافة إلى كسر من صحون من الفخار الأحمر الأفريقي التي تؤرخ خلال الفترة ما بين منتصف القرن الرابع حتى النصف الأول من القرن الخامس الميلادي. أيضاً ينسب إلى نفس الفترة بعض اللقى من الفخار الخشن من أهمها جزء من بدن آنية ملتصق به مقبضها وعلى كتفها حزوز زخرفية.

 

وإذا ما انتقلنا إلى الشواهد الأثرية التي أمدتنا بمعلومات قيمة عن تزامن هذا الشارع مع فترة إعادة تخطيط المدينة مع بداية العصر الروماني فإن قطعة العملة الفضية البطلمية لخير دليل على ذلك حيث أنها وجدت ضمن مكونات أرضية الشارع الروماني. غير أن الأهم من ذلك جاء من المحتوى (17) الذي تشكل من تسوية أسفل الشارع، إذ أنها تتألف في معظمها من فخار خشن مميز يؤرخ بمنتصف القرن الثاني قبل الميلاد، منه على سبيل المثال: قاعدة أمفورا مع جزء من البدن ومقبض أمفورا (شكل 2). وكذلك العديد من كسر الفخار المصقول الذي ينسب إلى نفس الفترة.

شكل 2: مقبض وقاعدة أمفورا (قارن القاعدة بـ: Riley, fig. 72, D 87)

 

أقصى عمق تم التوصل إليه في المربع E222 تراوح ما بين1.90  إلى 1.95 متر من مستوى سطح الأرض الحالية، وإن كان هذا الشارع الروماني قد أقيم على بقايا شارع

يعود إلى العصر الهلينستي فإن أعمال التنقيب المستقبلية كفيلة بالإجابة على ذلك.

 يجدر بالإشارة أنه قد تم العثور في المحتوى (19) الذي يشكل محتويات للقطع (18) على يد تمثال من المرمر الأبيض الناصع (شكل 3) وقرص مصباح وبصفة عامة فإن محتويات هذا القطع غنية بالفخار الخشن الذي يمكن الاعتماد عليه في دراسة التتابع الزمني في هذا المربع.

شكل 3: يد تمثال من المرمر الأبيض. المسطرة 0.30 متر.

 

مجريات أعمال التنقيب في المربع E229

 

أبعادها 2.00 × 5.00 متر وتشغل طول الضلع الجنوبي من المربع E229 (شكل 1).

 

بدأت عملية الكشط السطحي بالتعامل مع تربة طينية ذات لون بني فاتح أعطي لها محتوي رقم (1) تمّ العثور ضمنها على كسر فخارية ومكعب فسيفساء، وعثر أيضاً على جزء من قاعدة إناء من الفخار المصقول، وبعض من كسر الكونكريت.

 

بعد الانتهاء من إزالة المحتوي (2) المنتشر على نحو عشوائي في أنحاء الحفرية والمتمثل في حجارة بحجم قبضة اليد منحت المحتوي رقم (2)، بدأت تتكشف تربة هشة سهله الكشط أعطي لها محتوي رقم (3) بها القليل من الفخار ومكعبات فسيفسائية ذات لون أسود. وتم نقل هذه الردميات لردم المجس RB الموازي للجدار الشمالي في حجرة رقم (1) للمبنى RB.

 

أثناء عملية الكشط بدت التربة مفككة مختلطة بأحجار في حجم قبضة اليد أعطي لها محتوي رقم (4)، وجد به بعض كسر من الطوب الحراري وبعض كسر العظام الحيوانية والقليل من كـسر الملاط، إحداها ربما كـانت جـزء من تمـليط حوض. ومن بين اللقى الفخارية الـتي عثر عليها ضمن هذا المحتوى كانا مصباحين كمثري الشكل شبه مكتملين (شكل 4)، ويمكن القول من خلال هذا الكم المتنوع من اللقى أن المحتوى (4) قد يمثل موضع لإلقاء الفضلات.

شكل 4: E229. مصابيح رومانية متأخرة وجدت في المحتوى (4). المسطرة 0.30 متر.

 

بمواصلة التنقيب عمقاً تم الكشف على أرضية حركة من تربة طينية متماسكة منحت الرقم (5) وقد تعرضت للتدمير على الجانبين الشمالي والغربي. بعدها تقرر الإبقاء على أرضية الحركة (5) وإجراء مجسين عند نهايتيها الغربية والشمالية، وكناحية تنظيمية قسمت الحفرية إلى نصفين (النصف الشرقي والنصف الغربي) وأصبح كل مجس يحمل رمز النصف الذي يقع فيه وقد ميز الشرقي بحرف A يعقب رقم المربع E229، مع استمرار تسلسل أرقام المحتويات في كلا المجسين.

 

طـول مجس النصف الشرقي E229A نحو 1.40 متر بداية من المسقط الشرقي، وبعرض 0.50 متر تقريباً من المسقط الشمالي. البداية كانت مع المحتوى (6)، المكون من تربة متماسكة بعض الشيء، يتخللها آثار حرق مختلط بها العديد من كسر الملاط وشقف الفخار المصقول والخشن ونصف مصباح كمثري الشكل ذو مقبض مصمت. كذلك عثر ضمن المحتوى على عدد من كسر العظام الحيوانية. يبدو أن هذا المحتوى ناتج عن رمي للفضلات وهو يشبه في مجمله المحتوى (4) بيد أنه في الواقع لا يتفق معه من حيث التسلسل الطبقي، فهذا الأخير واضح أنه أحدث من الأرضية (5) ويقطعها من أعلى، في حين المحتوى (6) كان بدون شك أسفلها، وعلى كلٍ يمكن أن نستنتج من ذلك أن المكان ربما أستغل في فترات زمنية متباينة لرمي الفضلات مع وجود حيز محدود من النشاط السكني ناحية الجنوب.

 

باستمرار عملية التنقيب بدأت ملامح حفرة تتضح بمحاذاة المسقط الشرقي فيها آثار حرق واضحة مما يرجح أنها كانت موقد نار مؤقت وقد منحت الردميات بداخلها الرقم (8) دون تخصيص رقم للحفرة نفسها لأنها في الواقع كانت امتداد للمحتوى (10) الذي اتصف بتربة مفككة ذات لون رمادي فاتح عثر فيها على القليل من شقف الفخار وكسر العظام الحيوانية.

 

وأثناء مواصلة التنقيب عمقاً أصبحت الردميات أكثر تفككاً ويغلب تركيبتها التربة الطينية المختلطة بالقليل من حبيبات الجير، منحت الرقم (11)، وقد عثر ضمنها على العديد من الشقف الفخارية المميزة من بينها جزء من قرص مصباح ربما يرجع إلى الفخار الأتيكي ذو الصقل الأسود ويؤرخ بالقرن الرابع ق.م (لا يمكن التعويل عليه في التأريخ ويعتبر residual)، وكذلك عثر على بعض كسر العظام معظمها تنسب للماعز/الضأن.

 

أسـفل المحتوى (11) بـدت التربة في تماسك ملحوظ الذي فُسر على أنه سطح فاصل لأرضية الحركة (15) أسفل منه التي تميزت بتربة طينية متماسكة احتوت على الكثير من شقف الفخار بنوعيه المصقول والخشن والعديد من الكسر العظيمة. إثر ذلك تغير لون التربة وأصبح ذا لون بني فاتح مع درجة من التماسك، مُنح محتوي رقم (16) عثر ضمنه على مشبك أو مرود من العظم، وكانت نسبة وجود كسر العظام الحيوانية عالية مقارنة بباقي المحتويات السابقة مع ملاحظة عدد من الحجارة الصغيرة البعض منها ملتصق به طبقة ملاطية.

 

أثناء عملية الكشط في الزواية الشمالية الشرقية من المجس A أمكن تحديد قطع غير منتظم الشكل منح الرقم (18). أزيل التوضع الذي بداخله (18) حيث تميز بتربة طينية مختلطة بالرمل ضاربة إلى اللون البني الغامق بها شقف من الفخار الخشن وقليل من العظام.

 

واستمرت عملية التنقيب في تربة طينية محمرة شديدة التماسك أعطي لها رقم (19) عثر فيها على القليل من شقف الفخار بينها جزء من فوهة لإبريق ثلاثي المسكب. وبعد ذلك بدأت تتكشف تربة طينية مفككة بها آثار حرق وتميل إلى اللون الأخضر منحت الرقم (23) وجد ضمنها على بعض الشقف من الفخار الأفريقي ذو الصقل الأحمر. توقف العمل في المجس A بالوصول إلى المحتوى (22) –لم يراع التسلسل الرقمي هنا لحدوث خطأ في ترقيم المحتويات- الذي اتصف بتربة طينية شبه مفككة بها نسبة من شقف الفخار الخشن أهمها جزء لحافة إناء طهي وكذلك شقفتين من الفخار الروماني الأحمر المصقول ينتميان على الأرجح إلى النوع المبكر من الفخار الأفريقي ويؤرخان تقريباً إلى منتصف القرن الثالث الميلادي.

 

أما في المجس الغربي فقد استمرت عملية التنقيب وأزيل المحتوي (4) الذي تمثل في تربة مفككة بها أحجار في حجم قبضة اليد مختلطة ببعض كسر العظام والشقف الفخارية مما يوحي أنها نفايات. بعد ذلك بدأت التربة في التماسك منحت الرقم (7) عثر فيها على مصباح كمثري الشكل شبه مكتمل ينسب على وجه التقريب إلى القرنين السادس والسابع الميلاديين.

 

أثناء النزول عمقاً كشف عن أرضية حركة، منحت الرقم (9) مكونة من تربة طينية مدكوكة، تنتشر على سطحها تربة هشة تضمنت الكثير من شقف الفخار الخشن منها قاعدتين للجرار ذات قاعدة السرة. وباستمرار العمل أصبحت التربة الطينية متماسكة مشوبة بآثار حرق منحت الرقم (14) وجد بها نسبة عالية من الحجارة الصغيرة مع شقف فخارية عديدة، ويشبه في تركيبته المحتوى (11) الذي نُقب في النصف الشرقي المقابل (المجس A).

 

بإزالة آثار الحرق أضحت التربة الطينية مدكوكة بشكل واضح (20) وتحت هذه الأرضية أعطي محتوي أخرى (21) وهي تربة طينية متماسكة به قليل من الفخار لوحظ أن محتوي (20) شبيه بالمحتوي (13) في المجس A.

 

 

شكر وتقدير

 

 

أتقدم في خـتام هـذا الـتقرير بالشكر والتقدير للأسـتاذ/ أبراهيم الطواحني مراقب آثار بنغازي، وجميع الأخوة العاملين في إدارته على مساعداتهم الجمة في سبيل إقامة هذه المواسم التدريبية. كذلك أتـقدم بـوافر الامتــنان للأخ/ ناصر العماري المرمم بالمراقبة، عـلى استمراره جهوده في أعمال الحفظ التي أجريت في المبنى RB، ويشمل الــشكر الأخـوة بمــكتب منــطقة آثار الــعقورية عـلى ما أبـدوه من تجـاوب وتــعاون فـي إقامــة الحــفريات. وافـر التـقدير للأسـتاذ محمد عطيةالله الشلماني مندوب المراقبة على مساندته وتشجيعه للعمل الميداني. وافر التقدير والاحترام للعمين الفاضلين محمد خير ومعمر غومة لما بذلاه من عظيم جهد طوال أيام الموسم.

 

أخيراً، خالص التقدير لبـعثة الآثـار البريطانية العامـلة بمديـنة يوسبـيريدس الأثـرية عـلى الســـماح لي باسـتخدام جــهاز المناسيب وبــــعض الأدوات الخاصة بالـتنقيب والـرسم الـميداني.

                                        

أ. أحمد مصطفى أبوزيان

المـشرف العـام للحـفريات

 

إلى الأعلى

[رجوع]